شرعنا وكونها مستحدثة من قبله.

ولكن الّذي يظهر من بعض الآيات ثبوتها في الشرائع السابقة ، كما يدل عليه قوله تعالى حكاية عن إبراهيم : ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِ (١) ، وقوله تعالى حكاية عن عيسى ويحيى : ﴿ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا (٢) ، وقوله تعالى : ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ (٣). وعليه ، فتكون هذه الألفاظ حقائق لغوية لا شرعية.

والتخلص من ذلك باختلاف نحو العبادات السابقة عن نحوها في شريعتنا لا يجدي. لأن الاختلاف في المصداق ـ كاختلاف الصلاة عندنا بحسب اختلاف الحالات ـ ، فانه لا يدل على اختلاف المعنى بل المعنى واحد. غاية الأمر ان المصداق في شرعنا يختلف عن المصداق في الشرائع السابقة كاختلاف المصاديق في شرعنا (٤).

هذا بيان ما ذكره صاحب الكفاية في المقام وتوضيحه. واتضح بذلك ان أساس ثبوت الوضع التعييني والحقيقة الشرعية به ركنان :

الأول : إثبات نحو آخر للوضع التعييني وهو الإنشاء بالاستعمال.

والثاني : عدم ثبوت هذه المعاني في الشرائع السابقة.

وقد أورد على الركن الأول ـ أعني إمكان تحقق الوضع التعييني بالاستعمال ـ من جهتين :

الجهة الأولى : ان ذلك يستلزم اجتماع اللحاظ الآلي والاستقلالي في شيء واحد. وقد قرب ذلك بوجهين :

الأول : ما ذكره المحقق الأصفهاني رحمه‌الله : من ان الوضع جعل

__________________

(١) سورة الحج ، الآية : ٢٧.

(٢) سورة مريم ، الآية : ٣١.

(٣) سورة البقرة ، الآية : ١٨٣.

(٤) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٢١ ـ ٢٢ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

۵۲۸۱