من الوضع.
ولا يخفى عليك ان مقتضى الالتزام بذلك هو تبعية الدلالة للإرادة بحيث لا تتحقق الدلالة الا بعد إحراز الدلالة ، ولا يكون اللفظ بمقتضى الوضع دالا على الإرادة ، ولكن جاء في تقريرات الفياض دعوى ان التزامه المزبور يستلزم كون اللفظ دالا بمقتضى الوضع على الإرادة وكاشفا عنها (١). ونحن لا نعرف أي وجه للملازمة أصلا ، بل مقتضى الوجه المزبور كما عرفت هو توقف دلالة اللفظ وحدوث العلقة الوضعيّة على تحقق الإرادة وإحرازها ، لأن إحراز المشروط يتوقف على إحراز شرطه.
ثم ان المحقق العراقي قدسسره بعد ان صوّر أخذ الإرادة في الموضوع له بأنحاء : منها : أن تكون مأخوذة في الموضوع له بنحو التقييد ، على ان يكون التقيد داخلا والقيد خارجا. أورد على هذا النحو : بأنه يستلزم أن يكون اللفظ موضوعا للمركب من المعنى الاسمي وهو ذات المعنى والمعنى الحرفي وهو التقيد. وهو امر ينافي سيرة الوضع بحسب الاستقراء والتتبع (٢).
وقد ذكر المقرر الفياض هذا المطلب وأورد عليه :
أولا : بان الاختلاف بين المعنى الاسمي والحرفي اختلاف بالذات لا باللحاظ الاستقلالي والآلي ، فالمعنى الاسمي اسمي وان لوحظ آليا ، والمعنى الحرفي حرفي وان لوحظ مستقلا. وعليه فالإرادة معنى اسمي وان لوحظت آليا ولا تنقلب بذلك عن المعنى الاسمي إلى المعنى الحرفي حتى يلزم وضع اللفظ للمركب من معنى اسمي وحرفي.
إلاّ ان يكون مراده من المعنى الحرفي نفس التقيد بالإرادة لا نفس
__________________
(١) الفياض محمد إسحاق. محاضرات في أصول الفقه ١ ـ ١٠٤ ـ الطبعة الأولى.
(٢) الآملي الشيخ ميرزا هاشم. بدائع الأفكار ١ ـ ٩٢ ـ الطبعة الأولى.