المعنى المتعلق للإرادة كان المعنى امرا ذهنيا لتقيده بما هو ذهني وهو الإرادة ، فلا بد من الالتزام بتجريده عن الخصوصية عند الحمل وهو يستلزم المجازية بل لغوية أخذ الخصوصية في الموضوع له.
ومنها : لزوم كون الموضوع له مطلقا خاصا ، لأن الإرادة المدعى أخذها في الموضوع له انما هي واقع الإرادة لا مفهومها ، فيلزم ان يكون المعنى جزئيا ، لتقيده بواقع الإرادة وهو خلاف الوجدان والتسالم على ثبوت الموضوع له العام.
ثم انه بعد ذلك تعرض لما حكي عن كلام العلمين ـ الشيخ الرئيس والخواجة نصير الدين ـ من ان الدلالة تتبع الإرادة ، وانه لا ينافي ما التزم به من عدم الوضع للمعاني بما هي مرادة ، لأنه ناظر إلى الدلالة التصديقية وهي دلالة الكلام على إرادة المتكلم تفهيم المعنى وقصده له. لا الدلالة التصورية وهي مجرد خطور المعنى في الذهن التي هي محل الكلام. وتبعية الدلالة التصديقية للإرادة لا يكاد ينكر ، بل هو مما لا شبهة فيه كتبعية مقام الإثبات عن مقام الثبوت والكاشف عن المنكشف ، لأن كشف الكلام عن تحقق الإرادة متفرع على أصل تحققها وثبوتها كما لا يخفى (١).
هذا محصل كلام الكفاية بتوضيح.
ولا يخفى عليك ان الّذي يظهر منه انه لم يتصور لفرض تبعية الدلالة للإرادة وجه سوى أخذ الإرادة في الموضوع له.
ولذا حاول ان يوجه كلام العلمين وبحمله على غير الدلالة الوضعيّة لوضوح بطلان أخذها في الموضوع بنحو لا يمكن اسناد ذلك إلى مثلهما من العلماء.
ولكن سيجيء في تحقيق الجهة الثالثة بيان إمكان فرض الدلالة الوضعيّة
__________________
(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ١٦ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.