الأول : انه إيجاد المعنى باللفظ في نفس الأمر.
الثاني : انه إيجاد المعنى باللفظ بالعرض ، فلا يخرج عن حقيقة الاستعمال ، بل هو الاستعمال ـ كما يتضح فيما بعد ـ.
الثالث : انه إيجاد المعنى باللفظ في وعائه المناسب له.
الرابع : انه إبراز الصفات النفسانيّة باللفظ.
أما القول الأول : فهو مختار صاحب الكفاية وقد أسهب في بيانه في الفوائد ، وبيانه بتصرف : ان الإنشاء إيجاد المعنى في نفس الأمر لا الحكاية عن ثبوته وتحققه في موطنه من ذهن أو خارج ، بخلاف الخبر فانه الحكاية عن ثبوت المعنى في موطنه ، والمراد من وجوده في نفس الأمر هو ما لا يكون بمجرد فرض فارض ، لا انه ما يكون بحذائه شيء في الخارج. فملكية المشتري للمبيع لم يكن لها أي ثبوت قبل إنشاء التمليك وانما ثبوتها لا يعدو الفرض كفرض إنسانية الجماد أو جمادية الإنسان ، ولكن بعد إنشائها حصل لها نحو ثبوت وخرجت عن مجرد الفرض وان لم يكن لها ما بإزاء في الخارج.
وبعبارة أخرى : ان المعنى بالإنشاء يوجد بوجود إنشائي ويحصل له نحو تقرر في عالم الإنشاء ، وهذا الوجود الإنشائي من سنخ الاعتباريات ، وإذا كان الإنشاء هو إيجاد المعنى باللفظ بنحو وجود فعبر عنه بالوجود الإنشائي لم يختص الإنشاء بالمعاني الاعتبارية كالملكية ونحوها ، بل يعم المعاني الحقيقية الواقعية كالتمني والاستفهام فيمكن إنشاء الصفات النفسانيّة الواقعية كما يمكن إنشاء الأمور الاعتبارية ، إذ لم يعتبر في حقيقة الإنشاء إيجاد نفس المعنى في عالمه كي يتوقف في إمكان إنشاء مثل التمني من الأمور الواقعية لتبعية وجودها للأسباب التكوينية دون الإنشاء ، بل الإنشاء يتحقق ولو لم يكن للصفة الحقيقية وجود في الخارج أصلا ويترتب عليه آثاره لو كانت. كما انه لا يعتبر في الوجود الإنشائي ترتب أثر شرعي أو عرفي عليه ، ولذلك لو أنشأ المعنى الواحد بلفظ