فلوضوح ان المقصود من وضع الحروف للتضييق ليس وضعها لكلي التضييق ومفهومه العام الشامل لجميع الافراد ، بحيث تكون جميع الحروف مترادفة ، بل الموضوع له كل حرف تضييق من جهة خاصة للمفهوم فالموضوع له لفظ : « في » تضييق المفاهيم الاسمية من جهة الظرفية ، والموضوع له لفظ : « من » تضييقها من جهة خاصة أخرى وهي الابتداء ، وهكذا. وظاهر أن التضييق الخاصّ يتوقف على ثبوت خصوصية وارتباط بين المفهومين الاسميين بحيث ينشأ منه التضييق الخاصّ فيصح استعمال الحرف فيه ، فلا يحصل تضييق مفهوم زيد بكونه في الدار ، إلاّ بتحقق الارتباط والنسبة الخاصة بينه وبين الدار. فيعبر عن ذلك التضييق بالحرف. وعليه فاستعمال الحرف في صفات الله تعالى يتوقف على ثبوت النسبة والارتباط بين الصفة والذات كي تتحقق التضييق المعبر عنه بالحرف. فيرجع الإشكال كما هو ، ولا بد من حلّه بحل عام يرتفع به الإشكال في جميع الأقوال. وبعبارة أخرى : ان قولنا : « الوجود لله واجب » يحتاج إلى ثبوت نسبة بين الوجود والذات المقدسة تصحح فرض التضييق في الوجود ونسبته إلى الله ، كما يحتاج قولنا : « الوجود لزيد ممكن » إلى ذلك. وهذا واضح لا خفاء فيه ولا غبار عليه.
ثم انه بناء على ان يكون الموضوع له في الحروف هو التضييق يكون معنى الحرف من المعاني الإيجادية ، وهو الأمر الّذي فرّ منه مكررا مدعيا ـ في مقام إيراده على المحقق النائيني في دعواه تعين الإيجادية لعدم الإخطارية ـ ثبوت الواسطة بين المعاني الإخطارية المستقلة وبين المعاني الإيجادية وهي المعاني الإخطارية غير المستقلة التي عبر عنها بغير الإخطارية أيضا لعدم استقلالها. فانتفاء كون معنى الحروف إخطارية مستقلة لا يعين كونها إيجادية ، بل يمكن ان تكون إخطارية غير مستقلة ، بل هو المتعين وليس معناها إيجاديا.
وبالجملة : فقد التزم بان المعاني الحرفية من المفاهيم غير المستقلة وان