اجتماعهما في محل واحد إذا كانا من الصفات ، مثل الإنسان والفرس بما هما إنسان وفرس ، لا بما هما مشتركان في الحيوانية كما تقدم. كذلك : الماء والهواء ، النار والتراب ، الشمس والقمر ، السماء والأرض. ومثل السواد والحلاوة ، الطول والرقة ، الشجاعة والكرم ، البياض والحرارة. والتخالف قد يكون في الشخص (١) مثل محمد وجعفر وإن كانا مشتركين نوعاً في الإنسانية ، ولكن لم يلحظ هذا الاشتراك. وقد يكون في النوع مثل الإنسان والفرس وإن كانا مشتركين في الجنس وهو الحيوان ولكن لم يلحظ الاشتراك. وقد يكون في الجنس ، وإن كانا مشتركين في وصفهما العارض عليهما ، مثل القطن والثلج (٢) المشتركين في وصف الأبيض إلا أنه لم يلحظ ذلك.
ومنه يظهر أن مثل محمد وجعفر يصدق عليهما أنهما متخالفان بالنظر إلى اختلافهما في شخصيهما ويصدق عليهما مثلان بالنظر إلى اشتراكهما وتماثلهما في النوع وهو الإنسان. وكذا يقال عن الإنسان والفرس هما متخالفان من جهة تغايرهما في الإنسانية والفرسية ومثلان باعتبار اشتراكهما في الحيوانية. وهكذا في مثل القطن والثلج. الحيوان والنبات. الشجر والحجر.
ويظهر أيضاً أن التخالف لا يختص بالشيئين اللذين يمكن أن يجتمعا ، فإن الأمثلة المذكورة قريباً لا يمكن فيها الاجتماع مع أنها ليست من المتقابلات ـ كما سيأتي ـ ولا من المتماثلات حسب الاصطلاح.
__________________
(١) لا يخفى عليك : أن هذا التقسيم إنما ينفع في المتخالفين اللذين يكون لهما جهة مشتركة وإن لم تلحظ ، وأما اللذان ليس لهما جهة مشتركة فتخالفهما في كل من الشخص والنوع والجنس يلازم تخالفهما في الآخرين كالعمى والحجر.
(٢) لا يخفى عليك : أن القطن والثلج يشتركان في الجنس العالي والجنس المتوسط لهما ، فإنهما جوهران جسمان ، على المشهور من كون الجوهر جنسا عاليا. والصواب هو التمثيل بالجسم والمربع مما يدخل تحت جنسين عاليين ، المشتركين في كونهما ماهية ، والحرارة والأبوة المشتركين في كونهما عرضا.