تمهيد
قلنا : إن الله تعالى خلق الإنسان مفطوراً على التفكير مستعداً لتحصيل المعارف بما أعطى من قوة عاقلة مفكرة يمتاز بها عن
__________________
(*) (١) المبحوث عنه هنا هو العلم المعبر عنه في لسان الفلاسفة ب «العلم الحصولي». أما «العلم الحضوري» ـ كعلم النفس بذاتها وبصفاتها القائمة بذاتها وبأفعالها وأحكامها وأحاديثها النفسية ، وكعلم الله تعالى بنفسه وبمخلوقاته ـ فلا تدخل فيه الأبحاث الآتية في الكتاب ، لأنه ليس حصوله للعالم بارتسام صورة المعلوم في نفسه ، بل بحضور نفس المعلوم بوجوده الخارجي العيني للعالم ، فان الواحد منا يجد من نفسه أنه يعلم بنفسه وشؤونها ويدركها حق الإدراك ، ولكن لا بانتقاش صورها ، وإنما الشئ الموجود هو حاضر لذاته دائما بنفس وجوده ، وكذا المخلوقات حاضرة لخالقها بنفس وجودها. فيكون الفرق بين الحصولي والحضوري :
١ ـ إن الحصولي هو حضور صورة المعلوم لدى العالم
والحضوري هو حضور نفس المعلوم لدى العالم.
٢ ـ إن المعلوم بالعلم الحصولي وجوده العلمي غير وجوده العيني
وإن المعلوم بالعلم الحضوري وجوده العلمي عين وجوده العيني.
٣ ـ إن الحصولي هو الذي ينقسم إلى التصور والتصديق
والحضوري لا ينقسم إلى التصور والتصديق.
__________________
١ ـ الهوامش التي رمزنا إليها بعلامة (*) موجودة في الطبعات السابقة ، والظاهر أنها من المؤلف (قدس سره).
٢ ـ أقول : والفرق الرابع : أن العلم الحصولي يقبل الخطأ والعلم الحضوري لا يقبل الخطأ.