لا شك أن المنطقي لا يتعلق غرضه الأصلي إلا بنفس المعاني ، ولكنه لا يستغني عن البحث عن أحوال الألفاظ توصلاً إلى المعاني ، لأنه من الواضح أن التفاهم مع الناس ونقل الأفكار بينهم لا يكون غالباً إلا بتوسط لغة من اللغات. والألفاظ قد يقع فيها التغيير والخلط فلايتم التفاهم بها فاحتاج المنطقي إلى أن يبحث عن أحوال اللفظ من جهة عامة ، ومن غير اختصاص بلغة من اللغات ، إتماماً للتفاهم ، ليزن كلامه وكلام غيره بمقياس صحيح.
وقلنا : (من جهة عامة) لأن المنطق علم لا يختص بأهل لغة خاصة ، وإن كان قد يحتاج إلى البحث عما يختص باللغة التي يستعملها المنطقي فيما قل : كالبحث عن دلالة لام التعريف ـ في لغة العرب ـ على الاستغراق ، وعن كان وأخواتها في أنها من الأدوات والحروف ، وعن أدوات العموم والسلب وما إلى ذلك. ولكنه قد يستغني عن إدخالها في المنطق اعتماداً على علوم اللغة.
__________________
(١) راجع شرح الشمسية : ص ٢٨ ، وشرح المنظومة : ص ١١ ، وشرح المطالع : ص ٢٦.
(٢) تلويح إلى أنه قد يتحقق التفاهم بغيرها كإحضار المعاني بأنفسها ـ أي بوجوداتها الخارجية ـ وكالإشراق والإيحاء ، وكالإشارة وغيرها.