على مشاعر المخاطب ورضاه والثاني لا يتطلب ذلک فان غرضه يتم حتي لو اعترف الخصم مرغما مقهورا.
اذا عرفت ذلک فعلي الخطيب في المنافرات ان يکون مطلعا على أنواع جمال الاشياء وقبحها. ولکل شيء جمال وقبح بحسبه : ففي الانسان جماله بالفضائل وقبحه بالرذائل وباقي الاشياء جمالها بکمال صفاتها اللائقة بها وقبحها بنقصها.
ثم الانسان مثلا فضيلته ان تکون له ملکة تقتضي فعل الخيرات بسهولة کفضيلة الحکمة والعلم والعدالة والاحسان والشجاعة والعفة والکرم والمروة والهمة والحلم واصالة الرأي. وهذه أصول الفضائل ويتبعها مما يدخل تحتها کالايثار الذي يدخل تحت نوع الکرم أو مما يکون سببا لها کالحياء الذي يکون سببا للعفة أو مما يکون علامة عليها کصبر الامين على تحمل المکارة في سبيل المحافظة على الامانة فان هذا الصبر علامة على العدالة.
واما باقي الاشياء غير الانسان فکمالها بحصول الصفات المطلوبة لمثلها وقد قلنا لکل شيء جمال وقبح بحسبه فکمال الدار مثلا وجمالها باشتمالها على المرافق المحتاج اليها وسعتها وجدة بنائها وملاءمة هندستها للذوق العام وهکذا. وکمال المدنية مثلا وجمالها بسعة شوارعها وتنسيقها ونظافتها وکثرة حدائقها وتهيئة وسائل الراحة فيها والأمن وحسن مائها وهوائها وجدة بناء دورها ... وهکذا.
وعلى الخطيب بالاضافة الى ذلک ان يکون قادرا على مدح ما هو قبيح بمحاسن قد يظن الجمهور أنها مما يستحق عليها المدح والثناء مثل ان يصور فسق الفاسق بانه من باب لطف المعاشرة وخفة الروح. ويصور بلاهة الابله أنها بساطة نفس وصفاء سريرة وقلة مبالاة بأمور الدنيا واعتباراتها. ويصور متتبع عورات الناس الهماز الغماز بانه محب