درس کفایة الاصول - نواهی

جلسه ۱۷۹: خبر واحد ۲۰

 
۱

خطبه

۲

جواب

حجیت خبر ثقه به واسطه سیره، متوقف بر عدم ردع (عدم ردع آیات از سیره) نیست تا دور مستشکل لازم بیاید بلکه متوقف بر عدم علم به ردع و به عبارت دیگر عدم ثبوت ردع است و عدم علم بنفسه حاصل است بدون اینکه متوقف بر چیزی باشد، بنابراین دوری که مستشکل مطرح کرد، لازمه نمی‌آید.

توضیح: اگر بخواهیم خبر ثقه را به وسیله سیره حجت بدانیم، متوقف بر عدم علم به رادعیت است نه اینکه متوقف بر عدم رادعیت باشد، چون سیره قبل از نزول آیات بوده است که به خبر ثقه عمل می‌کردند و بعد از آمدن آیات شک داریم مانع از سیره است یا خیر که استصحاب حجیت سیره می‌کنیم. پس اگر علم داشتیم آیات مانع از سیره هستند، دیگر به سیره نمی‌توان عمل کرد، پس عدم علم برای استدلال به سیره کافی است و خبر ثقه حجت است. و همچنین این عدم علم به نفسه حاصل است و متوقف بر چیزی است، چون با شک در مانعیت آیات برای سیره، استصحاب سیره می‌شود و خوب به خود این عدم علم حاصل می‌شود.

نکته ۱: با اضافه شدن علم، مقام روی اثبات می‌رود و مستشکل روی مقام ثبوت اشکال کرده بود.

نکته ۲: این حرف صاحب کفایه صحیح نیست، چون اگر حجیت خبر ثقه با سیره، متوقف بر عدم علم باشد، عدم علم بعد از تتبع مجوز برای استدلال می‌شود و عدم علم متوقف بر مخصص بودن و مخصص بودن متوقف بر عدم علم است و باز هم اشکال وجود دارد.

۳

تطبیق جواب

فإنّه يقال: إنّما يكفي في حجّيّته (خبر ثقه) بها (سیره) عدم ثبوت الردع (عدم علم به ردع) عنها (سیره) (علت برای عدم ثبوت الردع:) لعدم نهوض ما يصلح لردعها (سیره)، كما يكفي في تخصيصها (سیره) لها (آیات) ذلك (عدم ثبوت ردع - عدم علم به ردع) كما لا يخفى؛ (علت یکفی:) ضرورة أنّ ما (عمل بر طبق خبر ثقه) جرت عليه («ما») السيرة المستمرّة في (متعلق به سیره است) مقام الإطاعة والمعصية، و (عطف بر فی مقام است) في استحقاق العقوبة بالمخالفة (مخالفت ما جرت علیه السیره)، وعدم استحقاقها (عقوبت) مع الموافقة (موافقت با سیره) ولو في صورة المخالفة عن الواقع، (خبر ان:) يكون (ما جرت علیه السیره - عمل به خبر ثقه) عقلا في الشرع متّبعا ما لم ينهض دليل على المنع عن اتّباعه (ما جرت علیه السیره) في الشرعيّات (امور شرعی)، فافهم وتأمّل.

۴

تطبیق ادله حجیت خبر واحد از عقل

فصل

في الوجوه (ادله) العقليّة الّتي اقيمت على حجّيّة خبر الواحد

۵

وجه اول عقل

وجه اول عقل، احتیاط است به اینکه ما علم اجمالی داریم که بین روایات و ادله دیگری، تکالیفی وجود دارد که بر گردن ما آمده است (این علم اجمالی کبیر است) و علم اجمالی داریم که برخی از روایات، تکالیف واقعی بر گردن ما را بیان می‌کند (این علم اجمالی صغیر است)، حال عقل می‌گوید به همه روایات عمل کن تا یقین پیدا کنی به موارد تکلیف در روایات، عمل کرده باشی.

إن قلت (١) : يكفي في الردع الآيات الناهية والروايات المانعة عن اتّباع غير العلم (٢). وناهيك قوله تعالى : ﴿وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ (٣) ، وقوله تعالى : ﴿إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً (٤).

قلت : لا يكاد يكفي تلك الآيات في ذلك ، فإنّه ـ مضافا إلى أنّها إنّما وردت إرشادا إلى عدم كفاية الظنّ في اصول الدين ، ولو سلّم (٥) فإنّما المتيقّن ، لو لا أنّه المنصرف إليه إطلاقها ـ هو خصوص الظنّ الّذي لم يقم على اعتباره حجّة ـ لا يكاد يكون الردع بها إلّا على وجه دائر ، وذلك لأنّ الردع بها يتوقّف على عدم تخصيص عمومها أو تقييد إطلاقها بالسيرة على اعتبار خبر الثقة ، وهو (٦) يتوقّف على الردع عنها بها (٧) ، وإلّا لكانت مخصّصة أو مقيّدة لها ، كما لا يخفى.

لا يقال : على هذا لا يكون اعتبار خبر الثقة بالسيرة أيضا إلّا على وجه دائر ، فإنّ اعتباره بها (٨) فعلا يتوقّف على عدم الردع بها عنها (٩) ، وهو يتوقّف على تخصيصها بها (١٠) ، وهو يتوقّف على عدم الردع بها عنها (١١).

فإنّه يقال : إنّما يكفي في حجّيّته بها عدم ثبوت الردع عنها لعدم نهوض ما يصلح لردعها ، كما يكفي في تخصيصها لها ذلك كما لا يخفى ؛ ضرورة أنّ ما جرت عليه السيرة المستمرّة في مقام الإطاعة والمعصية ، وفي استحقاق العقوبة بالمخالفة ،

__________________

(١) وهذا الإشكال تعرّض له الشيخ الأعظم ، ثمّ أجاب عنه. فرائد الاصول ١ : ٣٤٦.

(٢) تقدّم بعضها في الصحفة : ٣١٢ من هذا الجزء.

(٣) الاسراء / ٣٦.

(٤) يونس / ٣٦.

(٥) أي : لو سلّم أنّ الآيات الناهية والروايات المانعة عن اتّباع غير العلم ليست مختصّة باصول الدين ، بل تشمل ما نحن فيه ...

(٦) أي : عدم تخصيص الآيات بالسيرة.

(٧) أي : عن السيرة بالآيات.

(٨) أي : اعتبار خبر الثقة بالسيرة.

(٩) أي : بالآيات عن السيرة.

(١٠) أي : عدم الردع يتوقّف على تخصيص الآيات بالسيرة.

(١١) أي : تخصيص الآيات بالسيرة يتوقّف على عدم الردع بالآيات عن السيرة.

وعدم استحقاقها مع الموافقة (١) ولو في صورة المخالفة عن الواقع ، يكون عقلا في الشرع متّبعا ما لم ينهض دليل على المنع عن اتّباعه في الشرعيّات (٢) ، فافهم

__________________

(١) هكذا في النسخ. والأولى أن يقول : «واستحقاق المثوبة مع الموافقة».

(٢) توضيح ما أفاد المصنّف في المتن جوابا عن الإشكال : أنّه أجاب عنه بوجوه ثلاثة :

الأوّل : ما أشار إليه بقوله : «مضافا إلى ...». وحاصله : أنّ مورد هذه الآيات هو خصوص اصول الدين ، فتدلّ على عدم كفاية الظنّ في اصول الدين ، فلا ربط لها بما نحن فيه.

الثاني : ما أشار إليه بقوله : «ولو سلّم ...». وحاصله : أنّه لو سلّم إطلاق النهي الوارد في الآيات والروايات وشمولها وجوب العمل بخبر الواحد فنقول : إنّ المنصرف من إطلاقها إرادة الظنّ الّذي لم يقم دليل على حجّيّته واعتباره.

الثالث : ما أشار إليه بقوله : «لا يكاد يكون الردع بها إلّا على وجه دائر». وتوضيحه : أنّ رادعيّة الآيات عن العمل بخبر الواحد دوريّة ، لأنّ كونها رادعة عن السيرة متوقّف على عدم تخصيص عمومها بالسيرة الّتي قامت على اعتبار خبر الثقة ، وإلّا فلا تشملها ، وعدم تخصيص عمومها بها متوقّف على كون الآيات رادعة عنها ، وإلّا لكانت مخصّصة ؛ فرادعيّة الآيات موقوفة على عدم كون السيرة مخصّصة لها ، وعدم كونها مخصّصة لها موقوف على كون الآيات رادعة عنها ، وهو دور واضح.

ثمّ أورد على نفسه : بأنّه فلا يمكن الاستدلال بالسيرة على إثبات حجّيّة خبر الثقة ، لاستلزامه الدور ـ كما مرّ ـ. بيان ذلك : أنّه لا يثبت بها حجّيّة الخبر إلّا إذا لم تكن الآيات رادعة عنها ، وعدم كونها رادعة عنها متوقّف على كون السيرة مخصّصة للآيات كي لا يشملها عموم الآيات ، وكون السيرة مخصّصة لها متوقّف على عدم كون الآيات رادعة عنها ، وهذا دور. ولزوم الدور يمنع عن ثبوت اعتبار السيرة ، وإذا لم يثبت اعتبارها فلا يمكن الاستدلال بها على إثبات خبر الثقة.

وأجاب عنه : بأنّ كون السيرة مخصّصة للآيات الناهية غير متوقّف على ثبوت عدم الردع عنها بالآيات واقعا ، بل متوقّف على عدم ثبوت الردع. بخلاف كون الآيات رادعة عن السيرة ، فإنّه متوقّف على عدم كون السيرة مخصّصة لها واقعا ، فالموقوف عليه التخصيص ـ وهو عدم ثبوت الردع بالآيات عن السيرة ـ غير الموقوف على التخصيص ـ وهو ثبوت عدم الردع بها عن السيرة واقعا ـ ، فلا يستلزم الدور.

والحاصل : أنّ الآيات لا تصلح للردع عن السيرة العقلائيّة على العمل بخبر الواحد.

هذا غاية ما يبيّن به كلام المصنّف رحمه‌الله.

ولا يخفى : أنّه لا مجال لتحقيق الكلام في المقام بنحو يتّضح به الحال ، بل هو خارج عن ـ

__________________

ـ المقصود ، فإنّ غرضنا من هذه التعليقة هو إيضاح مبهمات الكتاب وذكر ما يوجب رشد أذهان الفضلاء ويؤثّر في سوقهم إلى التحقيق والتدقيق ، ليتهيّئوا بذلك للانتفاع بالدراسات العالية إن شاء الله. فنكتفي بذكر ما أفاده الأعلام الثلاثة وبعض تلامذتهم حول ما ذكره المصنّف في المقام.

أمّا المحقّقان العراقيّ والنائينيّ : فأفادا عدم رادعيّة الآيات عن السيرة بما حاصله : أنّ العمل بخبر الواحد في طريقة العقلاء يرجع إلى أنّهم يرون العمل به من أفراد العمل بالعلم ، لا من أفراد العمل بالظنّ. وأنّهم لا يعتنون باحتمال الخلاف ، لما قد جرت على إلغاء احتمال الخلاف طباعهم واستقرّت عليه عادتهم. فالعمل بخبر الواحد خارج عن موضوع الآيات الناهية ـ وهو العمل بالظنّ ـ ، فلا تصلح الآيات الناهية عن العمل بالظنّ لأن تكون رادعة عن العمل بخبر الثقة. نهاية الأفكار ٣ : ١٠٣ و ١٣٨ ، فوائد الاصول ٣ : ١٦١ ـ ١٩٥.

ثمّ إنّ ظاهر كلام المحقّق النائينيّ أنّه سلّم صحّة دعوى دوريّة رداعيّة الآيات عن السيرة لو أغمضنا النظر عن دعوى الانصراف وخروج السيرة عن الآيات. فلا بدّ من القول بأنّ السيرة حاكمة على الآيات ، والمحكوم لا يصلح للرادعيّة عن الحاكم. راجع فوائد الاصول ٣ : ١٦٢.

وأمّا المحقّق العراقيّ : فصرّح بعدم صحّة تلك الدعوى ولو أغمض النظر عن دعوى الانصراف وخروج السيرة موضوعا عن الآيات الكريمة. فقال : «حجّيّة السيرة بعد أن كانت معلّقة على عدم الردع عنها يكون عدم الردع في المرتبة السابقة عن حجّيّتها ، لأنّه بمنزلة شرطها. وحينئذ ففي المرتبة السابقة على حجّيّتها تجري أصالة العموم في الآيات الناهية ، فتوجب خروج مثلها عن الحجّيّة ، بلا محذور دور». نهاية الأفكار ٣ : ١٠٣ ـ ١٠٤.

وأمّا المحقّق الاصفهانيّ : فأطال الكلام في المقام بتقريب الدور ودفعه بوجه آخر. ثمّ أفاد تقديم السيرة على عموم الآيات ، لعدم بناء العقلاء على العمل بالعامّ في قبال الخاصّ ، وقال : «ويؤيّد تقديم السيرة على العمومات ويؤكّده أنّ لسان النهى عن اتّباع الظنّ وأنّه لا يغني من الحقّ شيئا ليس لسان التعبّد بأمر على خلاف الطريقة العقلائيّة ، بل من باب إيكال الأمر إلى عقل المكلّف من حيث أنّ الظنّ بما هو ظنّ لا مسوّغ للاعتماد عليه والركون إليه. فلا نظر إلى ما استقرّت عليه سيرة العقلاء بما هم عقلاء على اتّباعه من حيث كونه خبر الثقة. ولذا كان الرواة يسألون عن وثاقة الراوي للفراغ عن لزوم اتّباع روايته بعد فرض وثاقته». نهاية الدراية ٣ : ٣٦.

وإن شئت الاطّلاع على تفصيل ما أفاده فراجع نهاية الدراية ٢ : ٢٣٢ ـ ٢٣٧ و ٣ : ٢٩ ـ ٣٦.

وأمّا السيّد المحقّق الخوئيّ : فدفع توهّم كون الآيات رادعة عن السيرة بوجوه :

الأوّل : أنّ عمل الصحابة والتابعين بخبر الثقة غير قابل للإنكار ، كما أنّ استمراره بين المتشرّعة وأصحاب الأئمّة عليهم‌السلام بعد نزول الآيات مقطوع به. فلو كانت الآيات رادعة عن ـ

وتأمّل (١).

__________________

ـ السيرة المستقرّة على العمل بخبر الثقة لانقطعت السيرة في زمان الأئمّة عليهم‌السلام لا محالة.

الثاني : مع الغضّ عن ذلك ، إنّ الظاهر من لسان الآيات كونها إرشادا إلى ما يحكم به العقل من تحصيل المؤمّن من العقاب المحتمل والانتهاء إلى ما يعلم به الأمن. فلا يكون مفادها حكما مولويّا لتكون رادعة عن السيرة.

الثالث : لو أغمضنا عن ذلك ، إنّ السيرة حاكمة على الآيات الناهية ، فيكون حال خبر الثقة حال الظواهر من حيث قيام السيرة على العمل به ، فكما أنّ السيرة حاكمة على الآيات بالنسبة إلى الظواهر كذلك حاكمة عليها بالنسبة إلى خبر الثقة. مصباح الاصول ٢ : ١٩٩ ـ ٢٠٠.

وأمّا السيّد الإمام الخمينيّ : فهو ـ بعد ما ناقش في ما أفاده المصنّف رحمه‌الله في نفي الرادعيّة من لزوم الدور ، وناقش فيما أفاده المحقّق النائينيّ من حديث حكومة السيرة على الآيات الناهية ـ دفع صلاحيّة الآيات للرادعيّة عن السيرة بأنّ الآيات لمّا كانت من قبيل القضايا الحقيقيّة تشمل كلّ ما وجد في الخارج ويكون مصداقا لغير العلم. وبما أنّ دلالتها غير علميّة ، بل ظنيّة ، فتشمل نفسها ، فيجب عدم جواز اتّباعها بحكم نفسها ، ويلزم من التمسّك بها عدم جواز التمسّك بها ، وهو باطل بالضرورة. أنوار الهداية ١ : ٢٧٥.

والحاصل : أنّهم أطبقوا على عدم صلاحيّة الآيات للرادعيّة عن السيرة ، وإن اختلفوا في تقريره. ولا يخلو بعض ما أفادوه من المناقشة ، يطول شرحها ولا يهمّ التعرّض لها الآن ، وفيما ذكرناه الكفاية.

(١) قولنا : «فافهم وتأمّل» إشارة إلى كون خبر الثقة متّبعا ولو قيل بسقوط كلّ من السيرة والإطلاق عن الاعتبار بسبب دوران الأمر بين ردعها به وتقييده بها ، وذلك لأجل استصحاب حجّيّته الثابتة قبل نزول الآيتين.

فإن قلت : لا مجال لاحتمال التقييد بها ، فإنّ دليل اعتبارها مغيّا بعدم الردع به عنها ومعه لا تكون صالحة لتقييد الإطلاق مع صلاحيّته للردع عنها ، كما لا يخفى.

قلت : الدليل ليس إلّا إمضاء الشارع لها ورضاه بها المستكشف بعدم الردع عنها في زمان مع إمكانه وهو غير مغيّا. نعم ، يمكن أن يكون له واقعا وفي علمه تعالى أمد خاصّ ، كحكمه الابتدائيّ ، حيث إنّه ربما يكون له أمد فينسخ ، فالردع في الحكم الإمضائيّ ليس إلّا كالنسخ في الابتدائيّ ، وذلك غير كونه بحسب الدليل مغيّا ، كما لا يخفى.

وبالجملة : ليس حال السيرة مع الآيات الناهية إلّا كحال الخاصّ المقدّم والعامّ المؤخّر في دوران الأمر بين التخصيص بالخاصّ أو النسخ بالعامّ ، ففيهما يدور الأمر أيضا بين التخصيص بالسيرة أو الردع بالآيات ، فافهم. منه [أعلى الله مقامه].

فصل

في الوجوه العقليّة الّتي اقيمت على حجّيّة خبر الواحد

[الوجه الأوّل : دليل الانسداد الصغير (١)]

__________________

(١) قال المحقّق العراقيّ في هامش فوائد الاصول ٢ : ١٠٢ : «ميزان الكبر والصغر في باب الانسداد كبر دائرة العلم الإجماليّ وصغرها». وتوضيحه : أنّ العلم الإجماليّ على قسمين :

أحدهما : العلم الإجماليّ الكبير. وهو العلم الإجماليّ الذي كانت دائرة أطرافه وسيعة ، بحيث يشمل جميع المشتبهات من الأخبار والأمارات الظنّية المعتبرة وغير المعتبرة ـ من الشهرات والإجماعات والأولويات ـ. فإذا انتهت المقدّمات المرتّبة في الانسداد إلى حجّيّة مطلق الظنّ ـ من أيّ طريق كان ـ فهو دليل الانسداد الكبير.

ثانيهما : العلم الإجماليّ الصغير. وهو العلم الإجماليّ الذي كانت دائرة أطرافه ضيقة ، بأن تكون أطرافه خصوص الأخبار الموجودة في الكتب المعتبرة. وإذا انتهت المقدّمات المرتّبة في الانسداد إلى حجّيّة الظنّ الحاصل من طريق خصوص الأخبار الموجودة في الكتب المعتبرة فهو دليل الانسداد الصغير.

وفرّق المحقّق النائينيّ بين الانسدادين بأنّ الفرق بينهما أنّ مقدّمات الانسداد الكبير إنّما تجري في نفس الأحكام ، ليستنتج منها حجّيّة مطلق الظنّ فيها ؛ وأمّا مقدّمات الانسداد الصغير فإنّما تجري في بعض ما يتوقّف عليه استنباط الحكم من الرواية ـ من العلم بصدور الخبر ، والعلم بجهة صدوره ، وكون الخبر ظاهرا في المعنى المنطبق عليه ، وحجّيّة الظهور ـ ليستنتج منها حجّيّة مطلق الظنّ في خصوص الجهة التي انسدّ باب العلم فيها. فوائد الاصول ٣ : ١٩٦ ـ ١٩٧.

والسيّد الإمام الخميني ـ بعد ما فرّق بينهما بما أفاد المحقّق العراقيّ ـ تعرّض لما ذكره المحقّق النائيني وأطال الكلام في المناقشة فيه ، فراجع أنوار الهداية ١ : ٣١٨ ـ ٣١٩.

أحدها (١) : أنّه يعلم إجمالا بصدور كثير ممّا بأيدينا من الأخبار من الأئمّة

__________________

(١) وهذا الوجه قرّبه الشيخ الأعظم الأنصاريّ بنحو يرد عليه إيرادات أربعة. وقرّبه المصنّف رحمه‌الله في المقام بنحو لا يرد عليه إلّا الإيراد الرابع منها.

وتوضيح الفرق بين التقريبين يتوقّف على ذكر ما أفاده الشيخ الأعظم أوّلا ، وبيان ما أفاده المصنّف رحمه‌الله في المقام ثانيا.

أمّا الشيخ الأعظم : فأفاد في تقرير الوجه : أنّا نعلم إجمالا بصدور جملة من الأخبار الّتي بأيدينا عن المعصوم عليه‌السلام ، ولا سيّما بعد ملاحظة اهتمام الرواة في رواية الأحاديث وضبطها وتدوينها وجهد العلماء في المحافظة عليها وإسقاط الضعاف منها. ومقتضى هذا العلم الإجماليّ لزوم الاحتياط والأخذ بجميع الأخبار الموجودة في الكتب ، وهو غير ممكن ، فلا بدّ من العمل بكلّ خبر مظنون الصدور ، لأنّه أقرب إلى الواقع من غيره.

ثمّ أورد على هذا الوجه بإيرادات أربعة :

الأوّل : أنّ هذا الدليل لا يفيد حجّيّة خصوص الخبر ، بل يفيد حجّيّة كلّ ما ظنّ منه بصدور الحكم عن الحجّة وإن لم يكن خبرا. وذلك لأنّ وجوب العمل بالأخبار الصادرة إنّما هو لأجل اشتمالها على الأحكام الواقعيّة الّتي يجب امتثالها ، فالعمل بالخبر الصادر من جهة كشفه عن حكم الله تعالى ، لا بما أنّه خبر. وعليه فالعلم الإجماليّ بصدور كثير من الأخبار يرجع إلى العلم الإجماليّ بوجود تكاليف واقعيّة في ضمن هذه الأخبار ، والعلم الإجماليّ بوجود التكاليف الواقعيّة لا يختصّ بالأخبار ، بل نعلم إجمالا بوجودها في ضمن غيرها من الأمارات الظنّيّة أيضا ، فنعلم بوجودها في ضمن الشهرات والإجماعات المنقولة. ومقتضى هذا العلم الإجماليّ هو العمل بكلّ ما يفيد الظنّ بالحكم الشرعيّ بعد تعذّر الاحتياط. وهذا ممّا لا يمكن الالتزام به.

ثمّ نفى دعوى انحلال العلم الإجماليّ الكبير ـ وهو ما كانت أطرافه الأمارات الظنّيّة ـ بالعلم الإجماليّ الصغير ـ وهو ما كانت أطرافه خصوص الأخبار ـ. وحاصل ما أفاده : أنّ العلم الإجماليّ الكبير لا ينحلّ بالصغير إلّا إذا فرض عدم بقاء الكبير لو عزلنا من أطراف الصغير بمقدار المعلوم بالإجمال. وأمّا إذا فرض بقاء العلم الإجماليّ الكبير بين الباقي من أطراف الصغير وسائر أطراف الكبير لم ينحلّ الكبير بالصغير. وما نحن فيه من هذا القبيل ، ضرورة أنّه لو عزلنا من الأخبار طائفة بمقدار المعلوم صدوره من الأخبار يبقى العلم الإجماليّ بوجود أحكام واقعيّة بين باقي الأخبار وسائر الأمارات الظنّيّة ، فلا ينحلّ العلم الإجماليّ الكبير ، بالعلم الإجماليّ الصغير.

الثاني : أنّ اللازم من الوجه المذكور هو لزوم العمل بكلّ خبر يحصل الظنّ بكون ـ

__________________

ـ مضمونه حكم الله ـ ولو من الشهرة ـ ، سواء كان مظنون الصدور أو لا ، إذ عرفت أنّ العمل بالخبر الصادر إنّما هو باعتبار كون مضمونه حكم الله الّذي يجب العمل به.

الثالث : أنّ مقتضى هذا الدليل لزوم العمل بالخبر المثبت للتكليف ، لأنّا مكلّفون بامتثال الأحكام المعلومة إجمالا. وأمّا الأخبار النافية للتكليف فلا يجب العمل بها. فهذا الدليل أخصّ من المدّعى ، إذ المقصود من حجّيّة الخبر هو إثبات كونه دليلا متّبعا في قبال الاصول اللفظيّة والعمليّة ، سواء كان مثبتا للتكليف أو نافيا له.

الرابع : ما أفاده بقوله : «وكذلك لا يثبت به حجّيّة الأخبار على وجه ينهض لصرف ظواهر الكتاب والسنّة القطعيّة ...». وحاصله : أنّ مقتضى هذا الوجه هو وجوب العمل بالأخبار احتياطا ، لا حجّة ، لأنّه مقتضى العلم الإجماليّ ، فلا ينهض لإثبات الحجّيّة للأخبار بنحو تصلح الأخبار لتخصيص ظواهر الكتاب أو السنّة القطعيّة أو تقييدها. والمقصود من حجّيّة الخبر كونه دليلا مستقلّا متّبعا في قبال الاصول اللفظيّة والعمليّة.

هذا ملخّص ما أفاده الشيخ في تقريب هذا الوجه والإيراد عليه. فراجع فرائد الاصول ١ : ٣٥١ ـ ٣٦٠.

وأمّا المصنّف رحمه‌الله : فقرّبه بنحو لا يرد عليه إلّا الإيراد الأخير. وتوضيح ما أفاده : أنّ لنا علمين إجماليّين:

الأوّل : العلم الإجماليّ الكبير ، وأطرافه جميع المشتبهات وموارد الأخبار والأمارات المعتبرة وغير المعتبرة. فنعلم إجمالا بوجود تكاليف شرعيّة فيها ، إذ لا معنى للشرع الخالي عن التكليف ، ولا نحتمل مخالفة جميع الأمارات للواقع.

الثاني : العلم الإجماليّ الصغير. وأطرافه خصوص موارد الأخبار الموجودة في الكتب المعتبرة ، فإنّا نعلم إجمالا بصدور جملة من هذه الأخبار عن الأئمّة الأطهار عليهم‌السلام بمقدار واف بمعظم الفقه ، بحيث لو علم تفصيلا ذاك المقدار يستكشف أنّ المعلوم بالإجمال في العلم الإجماليّ الكبير لا يزيد عددا على المعلوم بالإجمال في العلم الإجماليّ الصغير ، فينحلّ العلم الإجماليّ بثبوت التكاليف في موارد قيام الأمارات ـ وهو الكبير ـ بالعلم الإجماليّ بثبوتها في مضامين الأخبار الّتي علمنا إجمالا بصدور كثير منها ـ وهو الصغير ـ. وحينئذ نعلم تفصيلا بثبوت التكاليف في ما بأيدينا من الأخبار الصادرة الّتي علمنا إجمالا بصدور كثير منها ، ونشكّ في ثبوتها في غير الأخبار ، فلا يجب الاحتياط إلّا في أطراف العلم الإجماليّ الصغير. فيجب العمل على طبق الأخبار المثبتة للتكاليف الموجودة في الكتب المعتبرة ، ويجوز العمل على طبق النافية فيما إذا لم يكن في المسألة أصل مثبت للتكليف ، ـ

الأطهار عليهم‌السلام بمقدار واف بمعظم الفقه ، بحيث لو علم تفصيلا ذاك المقدار (١) لانحلّ

__________________

ـ ولا يجب الاحتياط في أطراف العلم الإجماليّ الكبير من جميع المشتبهات وموارد الأمارات المعتبرة وغير المعتبرة.

وأمّا الفرق بين التقريبين : أنّ الشيخ قرّب الاستدلال بنحو ينتج لزوم العمل بكلّ خبر مظنون الصدور بلحاظ تطبيق مقدّمات الانسداد على الأخبار ؛ وأمّا المصنّف رحمه‌الله فقرّبه بنحو ينتج لزوم العمل بالأخبار المثبتة للتكليف. وأنّ الشيخ ذهب إلى عدم الانحلال في المقام ، والمصنّف رحمه‌الله ذهب إلى انحلال العلم الإجماليّ الكبير بالعلم الإجماليّ الصغير.

ومن هنا يظهر : أنّه لا يرد على هذا الاستدلال بالتقريب الّذي ذكره المصنّف رحمه‌الله إلّا الإيراد الرابع. وأمّا الثلاثة الأول فلا يرد عليه.

أمّا الإيراد الأوّل : فأجاب عنه بأنّ العلم الإجماليّ الكبير ـ وهو العلم بثبوت التكاليف في ضمن الأمارات الظنّيّة ـ قد انحلّ بالعلم الإجماليّ الصغير ـ وهو العلم بصدور جملة من الأخبار الموجودة في الكتب المعتبرة عن المعصوم عليه‌السلام ـ. ونتيجة ذلك وجوب العمل على طبق الأخبار المثبتة للتكليف الموجودة في الكتب المعتبرة ، لا العمل على طبق كلّ ما يفيد الظنّ بالحكم الشرعيّ كي يقال : «إنّ هذا الدليل لا يفيد حجّيّة خصوص الخبر».

وأمّا الإيراد الثاني : فيجاب عنه بما يجاب عن سابقه.

وأمّا الإيراد الثالث : فأجاب عنه المصنّف رحمه‌الله بأنّ الغرض وجوب العمل على وفق الأخبار المثبتة وجواز العلم على طبق الروايات النافية فيما إذا لم يكن في موردها أصل مثبت للتكليف ، لا وجوب العمل بالأخبار المثبتة فقط كي يقال : «أنّ هذا الدليل أخصّ من المدّعى».

وأمّا الإيراد الرابع : فهو مشترك الورود على كلا التقريبين ، فإنّ الدليل ـ بكلا التقريبين ـ إنّما يثبت وجوب العمل بالأخبار احتياطا ، لأنّه مقتضى العلم الإجماليّ. فلا ينهض على إثبات لزوم العمل بها من جهة إثبات حجّيّتها كي تصلح هذه الأخبار لتقييد المطلقات وتخصيص العمومات وغير ذلك.

هذا توضيح ما أفاده المصنّف رحمه‌الله في الوجه الأوّل.

وقد أطال الأعلام الثلاثة والعلمان السيّدان الكلام حول هذا الوجه بما لا يهمّ التعرّض إليه. وعلى الطالب المحقّق أن يرجع فرائد الاصول ٣ : ١٩٦ ـ ٢١١ ، نهاية الأفكار ٣ : ١٣٢ ـ ١٤٣ ، نهاية الدراية ٢ : ٢٣٨ ـ ٢٤٤ ، أنوار الهداية ١ : ٣١٧ ـ ٣٢٤ ، مصباح الاصول ٢ : ٢٠٣ ـ ٢١٣.

(١) كأن يعلم إجمالا بثبوت مائة حكم إلزاميّ في الروايات وسائر الأمارات ، ويعلم إجمالا بثبوت تلك المائة في الروايات.

فالمراد من قوله : «لو علم تفصيلا» أنّه لو علم تفصيل مقدار الأحكام الثابتة إجمالا ـ