[٣ ـ الاطّراد وعدمه]
ثمّ إنّه قد ذكر (١) الاطّراد وعدمه علامة للحقيقة والمجاز أيضا.
ولعلّه بملاحظة نوع العلائق المذكورة في المجازات ، حيث لا يطّرد صحّة استعمال اللفظ معها ، وإلّا فبملاحظة خصوص ما يصحّ معه الاستعمال فالمجاز مطّرد كالحقيقة (٢).
وزيادة قيد : «من غير تأويل» ، أو : «على وجه الحقيقة» (٣) وإن كان موجبا لاختصاص الاطّراد كذلك بالحقيقة ، إلّا أنّه حينئذ لا يكون علامة لها إلّا على وجه دائر. ولا يتأتّى التفصّي عن الدور بما ذكر في التبادر هاهنا (٤) ، ضرورة أنّه مع العلم بكون الاستعمال على نحو الحقيقة لا يبقى مجال لاستعلام حال الاستعمال بالاطّراد أو بغيره (٥).
__________________
(١) الذريعة إلى اصول الشريعة ١ : ١٠ ، القوانين ١ : ٣٢ ، الفصول : ٣٨.
(٢) هذا دفع إشكال مقدّر.
حاصل الإشكال : أنّ الاطّراد حاصل بالنسبة إلى المعاني المجازيّة أيضا ، نظير استعمال لفظ «أسد» في زيد بلحاظ الشجاعة ، فإنّه يصحّ استعماله في غير زيد من أفراد الشجاع.
وحاصل الجواب : أنّ الملحوظ في استعمال المجازيّ نوع العلاقة كعلاقة المشابهة ، لا خصوصها ـ كالمشابهة بالشجاعة ـ ، وبملاحظة نوع العلاقة لا يطّرد الاستعمال ، بداهة أنّه لا يطّرد استعمال لفظ «أسد» في كلّ ما شابهه بلحاظ المشابهة ، إذ لا يصحّ استعماله في الجبّان الأبخر ولا الجبّان ذي العينين وهكذا.
(٣) كما زادهما صاحب الفصول في الفصول الغرويّة : ٣٨.
(٤) وفي بعض النسخ «هنا».
(٥) وفيه : أنّا لم تكن بصدد استعلام حال الاستعمال بالاطّراد ، بل كنّا بصدد استعلام حال الوضع والموضوع له بالاطّراد. فنقول : انّا إذا راجعنا إلى أهل لغة ورأينا أنّهم يستعملون لفظا ويريدون به معنى وكان استعماله في ذاك المعنى شائعا بحيث ينتقلون إلى ذاك المعنى بمجرّد سماعه ـ من أيّ فرد وفي أيّ مورد ـ يحصل لنا القطع بأنّه الموضوع له ، لأنّ صحّة الاستعمال ـ بعد فرض عدم استناده إلى القرينة ولا إلى ذات اللفظ ـ مستندة إلى الوضع.
والحاصل : أنّ شيوع استعمال لفظ في معنى خاصّ عند أهل لغة ـ من دون ذكر قرينة ـ يكشف عن أنّه الموضوع له ، فهذا طريقة إلى فهم المعنى الموضوع له كما أنّ تصريح ـ