من حوادث العهد المدنيّ ، وقد ماشينا الرجل (المستشكل) على نزول الآية في مكّة ، فإنّه لا ملازمة بين إطباق الآية بهما وبأولادهما ، وبين تقدم تزويجهما على نزولها ، كما لا منافاة بينه وبين تأخر وجود أولادهما على فرضه ، فإنّ مما لا شبهة في كون كلّ منهما من قربى رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ بالعمومة والنبوّة ، وأمّا أولادهما فكان من المقدّر في العلم الأزلي أن يخلقوا منهما ، كما أنّه قد قضي بعلقة التزويج بينهما ، وليس من شرط ثبوت الحكم بملاك عامّ يشمل الحاضر والغابر وجود موضوعه الفعلي ، بل إنّما يتسرب إليه الحكم مهما وجد ، ومتى وجد ، وأنّى وجد.
على أنّ من الممكن أن تكون قد نزلت بمكة في حجّة الوداع ، وعليّ قد تزوّج بفاطمة وولد الحسنان ، ولا ملازمة بين نزولها بمكّة ، وبين كونه قبل الهجرة. ويرى الذين اوتوا العلم الّذي انزل إليك من ربك هو الحق (١).
ثم القربى لا تنحصر في عليّ وفاطمة والحسنين ـ عليهمالسلام ـ بل يشمل الأئمة كلّهم دون غيرهم ، كما نصّ عليه في الأحاديث ، ومنها : ما في الكافي عن أبي جعفر ـ عليهالسلام ـ في قوله تعالى : ﴿قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى﴾ قال : هم الأئمة ـ عليهمالسلام ـ.
ومنها ما في روضة الكافي عن أبي عبد الله ـ عليهالسلام ـ قال : ما يقول أهل البصرة في هذه الآية : ﴿قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى﴾؟ قلت : جعلت فداك ، إنّهم يقولون : إنّها لأقارب رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ قال : كذبوا إنما نزلت فينا خاصّة أهل البيت في عليّ وفاطمة والحسن والحسين وأصحاب الكساء عليهمالسلام (٢).
__________________
(١) الغدير : ج ٣ ص ١٧٣ ـ ١٧٤.
(٢) تفسير نور الثقلين : ج ٤ ص ٥٧١ ـ ٥٧٣ نقلا عن الكافي وروضته.