الخامس : في دلالة وجوب المحبّة على قرب القربى إلى الله وطهارتهم من الشرك والمعاصي ، ومن كلّ ما يبعد عن دار كرامته ، وساحة رضاه ، وذلك واضح ، لما في المنّ ، وقريب منه ما في دلائل الصدق حيث قال : وهي (أي الآية) تدلّ على أفضليّتهم وعصمتهم ، وأنّهم صفوة الله سبحانه ، إذ لو لم يكونوا كذلك لم تجب مودّتهم دون غيرهم ، ولم تكن مودتهم بتلك المنزلة الّتي ما مثلها منزلة ، لكونها أجرا للتبليغ والرسالة الذي لا أجر ولا حق يشبهه ، ولذا لم يجعل الله المودّة لأقارب نوح وهود أجرا لتبليغهما (١).
السادس : أنّ ظاهر المصنّف أنّ بغض آل محمّد موجب للخروج عن الإيمان لاستلزامه لإنكار الضرورة الإسلامية ؛ لأنّ وجوب حبّهم من ضروريات الإسلام ، ولكن مقتضى ما ذكر هو عدم كونه كذلك لو لم يلتفت إلى كونه من الضروريات وأنكره ، مع أنّ ظواهر بعض الأخبار هو خروج المنكر المبغض عن الإيمان ، ولو لم يكن عن التفات إلى كونه من الضروريات ، ولعلّه من جهة أنّ البغض المذكور ملازم لعدم المعرفة بالأئمة ـ عليهمالسلام ـ وقد عرفت تصريح النصوص بأنّ عدم المعرفة بهم يوجب ميتة جاهلية.
وإليك بعض هذه الروايات الدالّة على خروج المبغض عن الإيمان منها : ما رواه الحافظ الحاكم الحسكانيّ عن أبي إمامة الباهلي قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ : إنّ الله خلق الأنبياء من أشجار شتّى ، وخلقت وعليّ (كذا) من شجرة واحدة فأنا أصلها ، وعليّ فرعها ، والحسن والحسين ثمارها ، وأشياعنا أوراقها ، فمن تعلّق بغصن من أغصانها نجا ، ومن زاغ هوى ، ولو أنّ عبدا عبد الله بين الصفا والمروة ألف عام ثم ألف عام ، حتى يصير كالشنّ البالي ، ثم لم يدرك محبتنا أكبّه على منخريه في النار ، ثم قرأ «قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ
__________________
(١) دلائل الصدق : ج ٢ ص ٧٩.