بحدود السيوف والغلبة ، وللقرينة العقليّة إذ لا يتصور أن يكون ودّ من لم يواد الله ورسوله أجرا للتبليغ والرسالة ، فلا بدّ أن يكون المراد مودة من يكمل الإيمان بمودّته ، وتحصل السعادة الأبديّة بموالاته ، ولذا قال سبحانه في آية اخرى : ﴿قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ﴾ بل بلحاظ شأن النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ إنّما يعدّ قرابة له ، من هو منه ، لا من بان عنه معنى ومنزلة ، ولذا قال تعالى لنوح : ﴿إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ﴾ انتهى موضع الحاجة (١).
وقيل : إنّ الآية مكيّة ؛ لأنّها في سورة الشورى مع أنّ الحسنين ولدا في المدينة وأجاب عنه في الإمامة والولاية : بأنّ هذا الإشكال ضعيف ، فإنّه قد أكّد غير واحد من أئمة هذا الفن نزول الآية في المدينة.
على اننا لو سلمنا كونها مكيّة ، فما المانع في ذلك؟ مع أنها نظير غيرها من الآيات الكريمة التي سيقت لبيان قضية حقيقية ، لا خارجية ، فهي تصبح فعلية اذا وجد من تنطبق عليه (٢).
وأجاب عنه في الغدير أيضا : بأنّ دعوى كون جميع سورة الشورى مكية ، تكذبها استثناؤهم قوله تعالى : «أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً ـ إلى قوله ـ : خَبِيرٌ بَصِيرٌ» ، وهي أربع آيات. واستثناء بعضهم قوله تعالى : «وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ ـ إلى قوله ـ : مِنْ سَبِيلٍ» ، وهي عدة آيات فضلا عن آية المودّة.
ونصّ القرطبي في تفسيره : ج ١٦ ص ١ ، والنيسابوريّ في تفسيره ، والخازن في تفسيره : ج ٤ ص ٤٩ ، والشوكانيّ في «فتح القدير» : ج ٤ ص ٥١٠ ، وغيرهم عن ابن عباس وقتادة على أنّها مكيّة إلّا أربع آيات ، أوّلها : ﴿قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً﴾ (٣) ـ إلى أن قال ـ : وأمّا إن تزويج علي بفاطمة ـ عليهماالسلام ـ كان
__________________
(١) دلائل الصدق : ج ٢ ص ٧٨ ـ ٧٩.
(٢) الامامة والولاية : ص ١٦٧.
(٣) الغدير : ج ٣ ص ١٧٢ ـ ١٧٣.