المعنويّة يوجب أن يكون زعيما سياسيّا لإدارة المجتمع الإسلامي أيضا ، فالإمام هو الإنسان الكامل الإلهي العالم بجميع ما يحتاج إليه الناس في تعيين مصالحهم ومضارّهم ، الأمين على أحكام الله تعالى وأسراره ، المعصوم من الذنوب والخطايا ، المرتبط بالمبدإ الأعلى ، الصراط المستقيم ، الحجّة على عباده ، المفترض طاعته ، اللائق لاقتداء العام به والتبعيّة له ، الحافظ لدين الله ، المرجع العلمي لحلّ المعضلات والاختلافات وتفسير المجملات ، الزعيم السياسي والاجتماعي ، الهادي للنفوس إلى درجاتها اللائقة بهم من الكمالات المعنويّة ، الوسيط في نيل الفيض من المبدأ الأعلى إلى الخلق ، وغير ذلك من شئون الإمامة التي تدلّ عليها البراهين العقليّة والأدلّة السمعيّة وستأتي الإشارة إلى بعضها إن شاء الله تعالى.

وينقدح من ذلك أن ما ذكره جماعة من علماء الإمامية تبعا لعلماء العامّة في تعريف الإمامة من أنّها رئاسة عامّة في امور الدين والدنيا ليس تعريفا جامعا للإمامة وإنّما هو إن تمّ شأن من شئون الإمامة ولعل علماءنا ذكروه في قبال العامّة من باب المماشاة ، وإلّا فمن المعلوم أنّ هذا التعريف ليس إلّا تعريفا لبعض الشئون التشريعيّة للإمام ، وهو الزعامة السياسيّة والاجتماعيّة ولا يشمل سائر المقامات المعنويّة الثابتة للإمام كما أشرنا إليه في تعريف الإمام ، والعجب من المحقق اللاهيجي ـ قدس‌سره ـ حيث ذهب إلى تطبيق التعريف المذكور على الإمامة عند الشيعة مستدلا بأنّ الرئاسة في امور الدين لا يتحقق إلّا بمعرفة الامور الدينيّة (١) ، مع أنّ المعرفة بالامور الدينيّة أعمّ من العلم الإلهي ، ويصدق مع الاجتهاد في الامور الدينيّة إن لم نقل بكفاية التقليد في جلّها هذا ، مضافا إلى خلوّه عن اعتبار العصمة.

__________________

(١) راجع گوهر مراد : ص ٣٢٩.

۲۸۱۱