وكيف كان فالأمر سهل بعد ما عرفت من ماهيّة الإمامة عند الشيعة ، فالاختلاف بيننا وبين العامّة اختلاف جوهريّ لا في بعض الشرائط ؛ ولذلك قال الاستاذ الشهيد المطهري ـ قدس سرّه ـ : لزم علينا أن لا نخالط مسألة الإمامة مع مسألة الحكومة ونقول : إنّ العامّة ما ذا تقول؟ ونحن ما ذا نقول؟ بل مسألة الإمامة مسألة اخرى ، ومفهوم نظير مفهوم النبوّة بما لها من درجاتها العالية ، وعليه فنحن معاشر الشيعة نقول بالإمامة ، والعامّة لا تقول بها أصلا ، لا أنهم قائلون بها ، ولكن اشترطوا فيها شرائط اخرى (١).
ثم لا يخفى عليك أنّ الإمامة بالمعنى المختار والنبوّة قد يجتمعان كما في إبراهيم الخليل ـ عليهالسلام ـ كما نص عليه في قوله بعد مضي مدة من الزمن لنبوته : ﴿إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً﴾ (٢) بل في عدة اخرى من الأنبياء كما يشهد له قوله تعالى : ﴿وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا﴾ (٣) ولا سيّما نبينا محمّد ـ صلىاللهعليهوآله ـ وقد يفترقان إذ بعض الأنبياء كانوا يأخذون الوحي ويبلغونه إلى الناس وأطاع عنهم من أطاع فيما بلغ إليهم ، ولكن مع ذلك لم يكونوا نائلين مقام الإمامة ، واقتداء الخلق بهم وقيادة الناس ، وسوقهم نحو السعادة والكمال ، كما أنّ أئمتنا ـ عليهمالسلام ـ كانوا نائلين مقام الإمامة ، ولكن لم يكونوا أنبياء فالنسبة بين الإمامة والنبوة عموم من وجه (٤). ثم إنّ المقصود من البحث في الإمامة حيث كان هو الإمام الذي يكون خليفة عن النبيّ قيّدت الإمامة في التعاريف بالنيابة عن النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ كما يظهر من تعاريف القوم ، بل أصحابنا ومنهم العلّامة ـ قدسسره ـ حيث عرّفوها بأنّها رئاسة عامّة في امور الدنيا والدين لشخص من الأشخاص نيابة عن
__________________
(١) امامت ورهبرى : ص ١٦٣.
(٢) البقرة : ١٢٤.
(٣) الأنبياء : ٧٣.
(٤) راجع : امامت ورهبرى : ٢٨ ، شيعه در اسلام : ص ٢٥٢.