بدعوته لم يأخذوا منه شيئا حتّى يقابلوه بالأجر ، وعلى تقدير الإيمان به ، والنبوّة أحد الاصول الثلاثة في الدين لا يتصور بغض حتّى تجعل المودّة أجرا للرسالة ويسأل.
وبالجملة لا تحقق لمعنى الأجر على تقدير كفر المسئولين ، ولا تحقق لمعنى البغض على تقدير إيمانهم حتّى يسألوا المودّة ، وهذا الإشكال وارد حتّى على تقدير أخذ الاستثناء منقطعا ، فإنّ سؤال الأجر منهم على أيّ حال إنّما يتصور على تقدير إيمانهم ، والاستدراك على الانقطاع إنّما هو عن الجملة بجميع قيودها فأجد التأمل فيه (١).
وإليه يشير قوله في دلائل الصدق في ردّ ذلك المعنى على تقدير انقطاع الاستثناء فإنّ المنقطع عبارة عن إخراج ما لو لا إخراجه ، لتوهم دخوله في حكم المستثنى منه نظير الاستدراك ، وأنت تعلم أنّ المستثنى الّذي ذكره الفضل أجنبي عمّا قبله بكلّ وجه ، فلا يتوهم دخوله في حكمه حتّى يستثنى منه (٢).
والأضعف ممّا ذكر هو حمل القربى على التقرّب من الله بطاعة ، فإنّه مضافا إلى كونه اجتهادا في مقابل النصّ ، لا تساعده اللغة ، إذ القربى لم تأت في اللغة بمعنى التقرّب ، قال في القاموس : القربى القرابة وهو قريبي وذو قرابتي ، وممّا ذكر يظهر ما في تفسير القرطبي حيث مال إليه ، واعتمد على الخبر الشاذ في مقابل الأخبار المتواترة.
ثم إنّ القربى مختص بأهل بيته بعد تعينه في الأخبار ، قال في دلائل الصدق : قول الفضل وظاهر الآية على هذا المعنى شامل لجميع قرابات النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ باطل ... لأنّ المعلوم من حال النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ الاعتناء بعليّ وفاطمة والحسنين لا من ناوأه من أقربائه ، ولم يسلموا إلّا
__________________
(١) تفسير الميزان : ج ١٨ ص ٤٣ ـ ٤٤.
(٢) دلائل الصدق : ج ٢ ص ٧٨.