الإمام الثاني عشر ـ أرواحنا فداه ـ وتصرفه فائدة من فوائد وجوده ؛ لأنّ فوائد وجوده كثيرة وإن كان غائبا ،
الأوّل : أنّه قد ورد في الحديث القدسي عنه تعالى أنّه قال : «كنت كنزا مخفيا فأحببت أن اعرف مخلقت الخلق لكي اعرف» (١) فيعلم منه أنّ الباعث على ايجاد الإنسان هو المعرفة بالله تعالى ، فليكن في كلّ وقت فرد بين آحاد الإنسان يعرفه كما هو حقّه ، ولا تحصل المعرفة كما هو حقه في غير النبيّ والإمام ، فلا بدّ من وجود الحجّة في الأرض حتّى تحصل المعرفة به كما هو حقه بين الناس.
والثاني : أن مجرّد وجوده لطف وفيض في حقّ الناس ولو لم يكن ظاهرا ؛ لأنّ وجوده باعث نزول البركات والخيرات ، ومقتض لدفع البليات والآفات ، وسبب لقلّة سلطة الشياطين من الجنّ والإنس على البلاد ، فإنّ آثار الشيطان كما وصلت إلى البشر دائما كذلك لزم أن تصل آثار رئيس الموحدين وهو الحجّة الإلهية إليهم ، فوجود الحجة في مقابل الشيطان للمقاومة مع جنوده ، فلو لم يكن للإمام وجود في الأرض صارت سلطة الشيطان أزيد من سلطة الأولياء ، فلا يمكن للإنسان المقاومة في مقابل جنود الشيطان.
والثالث : أن غيبة الإمام الثاني عشر ـ أرواحنا فداه ـ تكون عن أكثر الناس ، لا عن جميعهم ؛ لوجود جمع يتشرّفون بخدمته ، ويأخذون جواب الغوامض من المسائل ويهتدون بهدايته ، وإن لم يعرفوه. انتهى ملخص كلامه (٢).
سؤال : وهو أنّ الإمام يجب وجوده لو لم يقم لطف آخر مقامه كعصمة جميع الناس.
والجواب عنه واضح ؛ لأنّ المفروض عدم إقامة هذا اللطف ، وإلّا فلا
__________________
(١) مصابيح الأنوار : ج ٢ ص ٤٠٥.
(٢) أنيس الموحدين : ص ١٣٢ ـ ١٣٤.