فاتضح أنّ الإمام لزم أن يكون متعينا بنصب إلهي ؛ ولذلك نصّ النبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ من جانب الله تعالى في مواضع متعددة على إمامة عليّ ـ عليه‌السلام ـ وأولاده الأحد عشر ـ عليهم‌السلام ـ كما نصّ كلّ إمام على من يليه من جانب النبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وهذه النصوص متواترة جدا يشهد بوجودها الجوامع الروائية من العامّة والشيعة كإثبات الهداة للشيخ الحرّ العاملي والبحار واصول الكافي ومنتخب الأثر وغاية المرام وعبقات الأنوار وكتاب الغدير وغيرها.

وهاهنا سؤال : وهو أنّه لا ريب في كون وجود الإمام لطفا فيما إذا كان ظاهرا ومتصرفا في الامور ، وأما إذا لم يكن ظاهرا ولم يتمكن الناس من درك محضره ، كالإمام الثاني عشر ـ عليه‌السلام ـ في زمان الغيبة ، فمجرد وجوده كيف يكون لطفا في حق العباد؟

والجواب عنه ظاهر مما مرّ ، من أن وجود الإنسان الكامل في نظام العالم مما يقتضيه علمه تعالى بالنظام الأحسن ورحمته المطلقة وإطلاق كماله ولا مانع منه ، فيلزم وجوده وإلّا لزم الخلف في كونه كمالا مطلقا ، فوجود الإمام الذي هو إنسان كامل ـ لطف ، وتصرفه وظهوره لطف آخر ، فلا يضرّ فقد لطف من جهة المانع بوجود اللطف من جهة أو جهات اخر ؛ لأنّ المفروض عدم وجود مانع من جهة اخرى.

هذا مضافا إلى أنّ إرشاد الإمام وتصرفه لا يختص بالإنسان ، بل يعمّ الجنّ أيضا ؛ لأنّهم مكلّفون ومحجوجون بوجوده على أنّ بعض الخواصّ كانوا يسترشدون بإرشاده وعناياته في الغيبة الصغرى بل الكبرى أيضا ، كما تشهد له التشرّفات المكرّرة لبعض المكرّمين من العباد. هذا مع الغمض عمّا يتصرّف في النفوس من وراء الحجاب والستار.

قال الحكيم المتأله المولى محمّد مهدي النراقي في الجواب عن ذلك : إنّ ظهور

۲۸۱۱