لتخصيص نقض الغرض بنوع منها كما يظهر من بعض الكتب الكلامية ، مع أنّ كلّ نوع منها راجح من دون اقتران مانع ، فبترك كل واحد يوجب نقض الغرض ، ولعل الاكتفاء ببعض الأنواع من باب المثال فافهم. فالأولى هو عدم التخصيص ببعض تلك الأنواع ، ولعل إليه يؤول ما في متن تجريد الاعتقاد حيث قال : الإمام لطف فيجب نصبه على الله تعالى تحصيلا للغرض (١).
ثم إنّ مقتضى كون وجود الإمام كالنبيّ لطفا مضاعفا ان كلّ واحد من أبعاد وجوده وفوائده يكون كافيا في لزوم وجوده ، فإن طرأ مانع عن تحقق بعضها كالتصرف الظاهري بين الناس يكفي الباقي في لزوم وجوده وبقائه.
وينقدح مما ذكر أنّ ظهور الإمام للناس لطف زائد على وجوده الّذي يقتضيه علمه تعالى بالنظام الأحسن وإطلاق كماله ، فإرشاده وتعليمه وتزكيته للناس لطف آخر ، وهكذا بقية الشئون الّتي تكون للإمام.
هذا مضافا إلى أنّ إرشاده وتعليمه وتزكيته للجن أيضا لطف في حقّهم فإنّهم مكلّفون ومحجوجون بالحجج الإلهية كما لا يخفى.
ثم بعد وضوح أن الإمامة كالنبوة اتضح لك أنّها أمر فوق قدرة البشر ، فلا تنالها يده ولا يمكن له تعيينها واختيارها ، بل هي فعل من أفعاله تعالى فيجعلها حيث يشاء وهو أعلم بمن يشاء ومنه يظهر أنّه لا مجال للبحث عن وجوب نصب الإمام على الناس وكيفيته ، فإنّ ذلك من فروع الإمارة الظاهرية مع عدم تعيين الخليفة الإلهية عن الله تعالى.
وأما مع تعيينها فلا مجال للبحث عنه إذ المعلوم أن الامارة له ، كما أنّه لا بحث مع وجود النبيّ المرسل عن وجوب نصب الأمير على الناس ؛ لأنّ الإمارة من شئون النبيّ المرسل كما لا يخفى.
__________________
(١) شرح تجريد الاعتقاد : ص ٣٦٢ الطبع الحديث.