بل ذهب فيما إذا كان بعض المحرّمات والواجبات في نظر الشارع في غاية الأهميّة كهدم الكعبة والمشاهد المشرّفة بنحو يمحو الأثر ولا يرجى عوده ، وغيرها من عظائم المحرّمات ، إلى استبعاد التقية عن مذاق الشرع غاية الاستبعاد ، وقال : فهل ترى من نفسك إن عرض على مسلم تخريب بيت الله الحرام وقبر رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أو الحبس شهرا أو شهرين أو أخذ مائة أو مائتين منه ، يجوز له ذلك تمسّكا بدليل الحرج والضرر.

ثم استظهر الرجوع في أمثال تلك العظائم إلى تزاحم المقتضيات من غير توجّه إلى حكومة تلك الأدلّة على أدلتها ، والحقّ بذلك ما إذا كان المتّقي ممّن له شأن وأهمية في نظر الخلق ، بحيث يكون ارتكابه لبعض المحرّمات تقية ، أو تركه لبعض الواجبات مما يعدّ موهنا للمذهب ، وهاتكا لحرمته ، كما لو أكره على شرب المسكر والزنا مثلا فإنّ جواز التقية في مثله تشبثا بحكومة دليل الرفع ، وأدلّة التقية ، مشكل بل ممنوع (١). هذه جملة من الموارد التي استثنيت من أدلّة التقية ، وبقية الكلام في محله ، وكيف كان فالدليل على وجوب التقية فيما إذا كانت واجبة هو عمومات التقية التي أشار إليها المصنّف (٢).

هذا مضافا إلى أدلّة نفي الضرر ، وحديث رفع عن امتي تسعة أشياء ، ومنها : ما اضطروا إليه.

قال الشيخ الأعظم ـ قدس‌سره ـ : «ثم الواجب منها يبيح كلّ محظور من فعل الحرام أو ترك الواجب والأصل في ذلك أدلّة نفي الضرر وحديث رفع عن امتي تسعة أشياء ، ومنها : ما اضطروا إليه ، مضافا إلى عمومات التقية مثل قوله في الخبر : أن التقية واسعة ليس شيء من التقية إلّا وصاحبها مأجور ، وغير ذلك

__________________

(١) الرسائل : ص ١٧٧ ـ ١٧٨.

(٢) راجع الوسائل : ج ١١ ، الباب ٢٥ من ابواب الامر والنهي ص ٤٦٨.

۲۸۱۱