والمكروه : ما كان تركها وتحمّل الضرر أولى من فعله ، كما ذكر بعضهم في إظهار كلمة الكفر ، وأنّ الأولى تركها ممّن يقتدي به الناس إعلاء لكلمة الإسلام ، والمراد بالمكروه حينئذ ما يكون ضده أفضل.
والمحرّم منه : ما كان في الدماء» (١) قال الشهيد الثاني ـ قدسسره ـ في القواعد : «والحرام التقية حيث يؤمن الضرر عاجلا وآجلا أو في قتل مسلم» (٢) ويشهد له ما في صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر ـ عليهالسلام ـ قال : «إنّما جعل التقية ليحقن بها الدم ، فإذا بلغ الدم فليس تقية» (٣).
ثم إنّ الظاهر عدم انحصار موارد حرمة التقية بما ذكر ، بل تحرم التقيّة فيما إذا كانت التقية موجبة للفساد في الدين ، كما يشهد له موثقة مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله ـ عليهالسلام ـ في حديث ... وتفسير ما يتقى مثل أن يكون قوم سوء ظاهر حكمهم وفعلهم على غير حكم الحقّ وفعله ، فكل شيء يعمل المؤمن بينهم لمكان التقيّة مما لا يؤدي إلى الفساد في الدين فإنّه جائز (٤).
هذا مضافا إلى ما أفاده السيّد المجاهد آية الله العظمى الإمام الخميني ـ قدسسره ـ من أن تشريع التقيّة لبقاء المذهب ، وحفظ الاصول ، وجمع شتات المسلمين لإقامة الدين واصوله ، فإذا بلغ الأمر إلى هدمها فلا تجوز التقية ، ولذا ذهب إلى عدم جواز التقية فيما إذا كان أصل من اصول الإسلام أو المذهب أو ضروريّ من ضروريات الدين في معرض الزوال والهدم والتغيير ، كما لو أراد المنحرفون الطغاة تغيير أحكام الإرث ، والطلاق ، والصلاة ، والحج ، وغيرها ، من اصول الأحكام فضلا عن اصول الدين أو المذهب.
__________________
(١) رسالة في التقية : ص ٣٢٠ من المكاسب المطبوع في تبريز.
(٢) راجع رسالة في التقية للشيخ الاعظم : ص ٣٢٠.
(٣) الوسائل : ج ١١ ص ٤٨٣ ح ١.
(٤) الوسائل : ج ١١ ص ٤٦٩ ح ٦.