في آخر، واشتبها من حيث التقدّم والتأخّر.
لا يقال: هذا لولا عدم الفصل بين أفراد ما اشتبهت حرمته.
فإنّه يقال: وإن لم يكن بينها الفصل، إلّا أنّه إنّما يُجدي في ما كان المُثبِت للحكم بالإباحة في بعضها الدليل، لا الأصل، فافهم.
دعوى الإجماع على البراءةوالكلام فيها
وأمّا « الإجماع »: فقد نقل على البراءة (١)، إلّا أنّه موهونٌ، ولو قيل باعتبار الإجماع المنقول في الجملة ؛ فإنّ تحصيله في مثل هذه المسألة - ممّا للعقل إليه سبيل، ومن واضح النقل عليه دليل - بعيدٌ جدّاً.
حكم العقل بالبراءة
وأمّا « العقل »: فإنّه قد استقلّ بقبح العقوبة والمؤاخذة على مخالفة التكليف المجهول، بعد الفحص واليأس عن الظفر بما كان حجّةً عليه، فإنّهما بدونها عقابٌ بلا بيان، ومؤاخذةٌ بلابرهان، وهما قبيحان بشهادة الوجدان.
عدم جريان قاعدة دفع الضرر المحتمل في الشبهات البدويّة
ولا يخفى: أنّه مع استقلاله بذلك لا احتمال لضرر العقوبة في مخالفته، فلا يكون مجال هاهنا لقاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل، كي يتوهّم أنّها تكون بياناً (٢). كما أنّه مع احتماله لا حاجة إلى القاعدة، بل في صورة المصادفة استحقّ (٣) العقوبة على المخالفة، ولو قيل بعدم وجوب دفع الضرر المحتمل.
وأمّا ضرر غير العقوبة، فهو وإن كان محتملاً، إلّا أنّ المتيقّن منه
__________________
(١) راجع فرائد الأُصول ٢: ٥٠.
(٢) إشارة إلى ما قد يتوهّم في المقام من ورود قاعدة دفع الضرر المحتمل على قاعدة قبح العقاب بلا بيان، أورده الشيخ في فرائده وأجاب عليه. انظر فرائد الأُصول ٢: ٥٦ - ٥٧.
(٣) الأولى: « يستحق ». ( منتهى الدراية ٥: ٣١٥ ).