قال : ووجوهُ القبح منتفيةٌ والكافر لا يخلو من لطفٍ والإخبارُ بالسعادة والشقاوة ليس مَفسدةً.
أقول : لمّا ذكر أقسام اللطف شرع في الاعتراضات على وجوبه مع الجواب عنها ، وقد أورد من شبه الأشاعرة ثلاثاً :
الأُولى : قالوا : اللطف إنما يجب إذا خلا من جهات المفسدة لأن جهات المصلحة لا تكفي في الوجوب ما لم تنتف جهات المفسدة ، فلم لا يجوز أن يكون اللطف الذي توجبونه مشتملاً على جهة قبح لا تعلمونه؟ فلا يكون واجباً.
وتقرير الجواب : أنّ جهات القبح معلومة لنا لأنّا مكلفون بتركها وليس هنا وجه قبح وليس ذلك استدلالاً بعدم العلم على العلم بالعدم.
الثانية : أنّ الكافر إمّا أن يكلَّف (١) مع وجود اللطف أو مع عدمه ، والأوّل باطل وإلا لم يكن لطفاً لأن معنى اللطف هو ما حصل الملطوف فيه
__________________
(١) للاستدلال شقوق ثلاثة وإليك بيانها :
١ ـ أنّ الكافر إمّا أن يكون مكلفاً مع وجود اللطف.
٢ ـ أن يكون مكلّفاً مع عدم اللطف مع عدم قدرته سبحانه عليه.
٣ ـ أن يكون مكلّفاً مع عدم اللطف مع قدرته سبحانه عليه.
والأوّل باطل ، إذ لو كان هناك لطف لوقع الملطوف فيه ، فحيث لم يقع نستكشف عدمه.
والثاني مستلزم لوصفه سبحانه بالعجز عن إعطاء اللطف.
والثالث مستلزم لأن يخلَّ الواجب سبحانه بالواجب وهو اللطف.
يلاحظ عليه : أوّلاً : أنّ لازمه عدم تكليف الكفّار والعصاة بالأحكام ، لعدم خروج تكليفهم عن الشقوق الثلاثة لا بطلان اللفظ.
وثانياً : أنّا نختار الشق الأوّل ولكن ليس اللطف ملازماً للامتثال بل هو مقرّب للعبد إليه ، أو لولاه لم يمتثل ، لا أنّه يمتثل معه قطعاً ، وممّا ذكرنا يعلم مفهوم التقرير الثاني لهذه الشبهة مع جوابها.