عنده ، والثاني إمّا أن يكون عدمه لعدم القدرة عليه فيلزم تعجيز الله تعالى وهو باطل ، أو مع وجودها فيلزم الإخلال بالواجب.
والجواب : أنّ اللطف ليس معناه هو ما حصل الملطوف فيه ، فإنّ اللطف لطف في نفسه سواء حصل الملطوف فيه أولا ، بل كونه لطفاً من حيث إنّه يقرِّب إلى الملطوف فيه ويرجح وجوده على عدمه ، وامتناع ترجيحه إنّما يكون لمعارض أقوى هو سوء اختيار المكلّف فيكون اللطف في حقه مرجوحاً.
ويمكن أن يكون ذلك جواباً عن سؤال آخر لهم ، وتقريره : أنّ اللطف لو كان واجباً لم تقع معصية من مكلّف أصلاً لأنّه تعالى قادر على كل شيء فإذا قدر على اللطف لكلّ مكلف في كل فعل لم تقع معصية لأنّه تعالى لا يخلّ بالواجب لكن الكفر والمعاصي موجودة.
وتقرير الجواب : أن نقول : إنّما يصح أن يقال يجب أن يلطف للمكلف إذا كان له لطف يصلح عنده ، ولا استبعاد في أن يكون بعض المكلفين لا لطف له سوى العلم بالمكلف والثواب مع الطاعة والعقاب مع المعصية ، والكافر له هذا للطف.
الثالثة : أنّ الإخبار بأنّ المكلف من أهل الجنة (١) أو من أهل النار مفسدة لأنّه إغراء بالمعاصي ، وقد فعله تعالى وهو ينافي اللطف.
__________________
(١) حاصله أنّه كيف يكون اللطف واجباً ، مع أنّه ربّما يقوم سبحانه بما هو في مقابل اللطف ، فيخبر عن سعادة بعض الأفراد فيوجد الجرأة للمعاصي ، وعن شقاء بعض آخر ، فيوجد فيهم اليأس والقنوط الملازم لإدامة العصيان. والجواب عن الأوّل بأنّ الاخبار مقارن لتمتع هؤلاء بملكات رحمانية تصدُّهم عن اقتراف المعاصي. وعن الثاني بأنّ المخبر عنه إمّا أن يكون جاهلاً غير مؤمن بصدق القرآن ، فليس فيه مفسدة أو يكون عارفاً كإبليس فلا يتحقق فيه الاغراء لأنّه عاين الحقائق قبل الهبوط.