تقدير الآثار ، أو المجاز في إسناد الرفع إليه ، فإنّه ليس «ما اضطرّوا وما استكرهوا ...» ـ إلى آخر التسعة ـ بمرفوع حقيقة. نعم ، لو كان المراد من الموصول في «ما لا يعلمون» ما اشتبه حاله ولم يعلم عنوانه لكان أحد الأمرين لا بدّ أيضا.
ثمّ لا وجه لتقدير خصوص المؤاخذة (١) بعد وضوح أنّ المقدّر في غير واحد غيرها (٢) ؛ فلا محيص عن أن يكون المقدّر هو الأثر الظاهر في كلّ منها ، أو تمام آثارها الّتي تقتضي المنّة رفعها. كما أنّ ما يكون بلحاظه الإسناد إليها مجازا هو هذا (٣) ، كما لا يخفى. فالخبر دلّ على رفع كلّ أثر تكليفيّ أو وضعيّ كان في رفعه منّة على الامّة (٤) ؛ كما استشهد الإمام عليهالسلام بمثل هذا الخبر في رفع ما استكره عليه من الطلاق والصدقة والعتاق (٥).
__________________
(١) وهذا أيضا تعريض بالشيخ الأعظم الأنصاريّ ، حيث استظهر أن يكون المقدّر في الكلّ خصوص المؤاخذة ، فقال : «وأن يقدّر المؤاخذة في الكلّ. وهذا أقرب عرفا من الأوّل وأظهر من الثاني أيضا ، لأنّ الظاهر أنّ نسبة الرفع إلى مجموع التسعة على نسق واحد. فإذا اريد من (الخطاء) و (النسيان) و (ما اكرهوا عليه) و (ما اضطرّوا إليه) المؤاخذة على أنفسها كان الظاهر في (ما لا يعلمون) ذلك أيضا». فرائد الاصول ٢ : ٢٩.
فأورد عليه المصنّف قدسسره بأنّه لا وجه لتقدير خصوص المؤاخذة في جميع الفقرات ، إذ المقدّر في بعضها ـ بقرينة استشهاد الإمام بمثل هذا الخبر في رفع ما استكره عليه من الطلاق والعتاق ـ هو الحكم الوضعيّ من طلاق الزوجة وانعتاق العبد وصيرورة الأموال ملكا للفقراء ، فلا محيص عن أن يكون المقدّر هو الأثر الظاهر في كلّ منها أو جميع الآثار.
(٢) أي : غير المؤاخذة.
(٣) أي : كما أنّه لو لم نقدّر في الحديث شيئا بل التزمنا بأنّ إسناد الرفع إلى كلّ واحد من التسعة مجاز بلحاظ الآثار ، يلزم أن يكون الإسناد المجازيّ إلى التسعة بلحاظ الأثر الظاهر أو جميع الآثار ، لا بلحاظ رفع خصوص المؤاخذة.
(٤) فيعتبر في شمول حديث الرفع أن يكون في رفع المرفوع منّة على الامّة ، فلا يرتفع به ضمان الإتلاف المتحقّق بالاضطرار أو الإكراه ، لأنّ في رفعه خلاف الامتنان بالنسبة إلى المالك ؛ ولا يرفع به صحّة بيع المضطرّ ، فإنّ رفعها خلاف الامتنان.
(٥) عن صفوان بن يحيى وأحمد بن محمّد بن أبي نصر جميعا عن أبي الحسن عليهالسلام في الرجل يستكره على اليمين فيحلف بالطلاق والعتاق وصدقة ما يملك ، أيلزمه ذلك؟ فقال عليهالسلام : ـ