وليس المراد بالاتّحاد في الصنف إلّا الاتّحاد فيما اعتبر قيدا في الأحكام ، لا الاتّحاد فيما كثر الاختلاف بحسبه والتفاوت بسببه بين الأنام ، بل في شخص واحد بمرور الدهور والأيّام ، وإلّا لما ثبت بقاعدة الاشتراك للغائبين ـ فضلا عن المعدومين ـ حكم من الأحكام.
ودليل الاشتراك إنّما يجدي في عدم اختصاص التكاليف بأشخاص المشافهين فيما لم يكونوا مختصّين بخصوص عنوان لو لم يكونوا معنونين به (١) لشكّ في شمولها لهم أيضا. فلو لا الإطلاق وإثبات عدم دخل ذاك العنوان في الحكم لما أفاد دليل الاشتراك. ومعه كان الحكم يعمّ غير المشافهين ولو قيل باختصاص الخطابات بهم ، فتأمّل جيّدا (٢).
__________________
(١) وفي بعض النسخ ـ على ما ذكره المحشّي المشكينيّ ـ : «ولو كانوا معنونين به». وما في المتن موافق لما بأيدينا من النسخ. وسيأتي الفرق بين العبارتين.
(٢) ولعلّ الوجه في الأمر بالتأمّل ما في العبارة من الغموض. فيحتاج إلى الإيضاح. فنقول : غرض المصنّف رحمهالله من قوله : «لا يذهب عليك» إلى هنا هو المناقشة في الثمرة الثانية المنسوبة إلى العلّامة البهبهانيّ.
أمّا الثمرة ، فحاصلها : أنّ ثمرة القول بالعموم هي التمسّك بإطلاق الخطاب لإثبات الحكم الشرعيّ للغائبين والمعدومين. وثمرة القول بالاختصاص هي عدم صحّة التمسّك بالإطلاق ، لأنّ الحكم حينئذ مختصّ بالحاضرين في المجلس ، وعليه لا بدّ في إثبات الحكم لغير الحاضرين من التمسّك بالدليل اللبّيّ ـ أي الإجماع ـ الّذي يدلّ على اشتراك المعدومين والمشافهين في التكليف فيما إذا كانوا متّحدين معهم في الصنف.
وأمّا المناقشة ، فتوضيحها : أنّ ما ذكره من ثمرة القول بالاختصاص ـ من عدم صحّة ـ التمسّك بالإطلاق ـ مخدوش من وجهين :
أوّلا : أنّه بناء على الاختصاص يكون الملاك في ثبوت الأحكام الصادرة ـ خطابا للحاضرين ـ للغائبين والمعدومين هو اتّحادهم مع الحاضرين في الصنف. والتحقيق أنّهم متّحدون معهم في الصنف ، حيث لا خصوصيّة للحاضرين بالنسبة إلى غيرهم توجب اختصاص الحكم بهم. وأمّا بعض الخصوصيّات الّذي كان البالغ في زماننا فاقدا له ممّا كان المشافهون واجدين له ـ كحضور النبيّ صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهالسلام ـ فهو وإن كان محتمل الدخل في الحكم ، إلّا أنّ إطلاق الخطاب وعدم تقييده بتلك الخصوصيّة يقتضي عدم دخلها في الحكم ـ