المحبّة العلويّة والحسينيّة جذبت كثيرا من الآحاد والنفوس نحو العبادة والتعبّد والجهد والجهاد والتضحية والفداء ، فالدعوة إلى المحبّة والوداد دعوة في الحقيقة إلى العمل والاتباع.

قال في كتاب الإمامة والولاية : إنّ هذا الأجر المطلوب في هذه الآية الكريمة ، هو في الواقع من أروع ما يعود على الامة بالخير ، ويرتبط بمسيرتها ومستقبلها وقيادتها ، حيث يشدّها الشدّ العاطفي الواعي إلى القيادة مقربا بذلك الشدّ العقائدي بها ، وإذا اقترنت العقيدة بالعاطفة المبنيّة على أساسها أمكن ضمان قيام القائد بمهماته التاريخيّة الكبرى الملقاة على عاتقه في مجال تربية الإنسانية ككل ، وهدايتها إلى شواطئ الكمال ، فهذا الأجر المسئول هو في الواقع تعليم اجتماعي رائح لصالح الامة نفسها وليس أجرا شخصيّا للرسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ بعد أن كان أشدّ الناس إخلاصا للحقيقة ، وبعد أن كان القرآن يعلن : ﴿وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ (١) ﴿وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ (٢) وقد أوضح القرآن هذه الحقيقة في قوله تعالى على لسان نبيه : ﴿ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ (٣) وكذا يشير إليه قوله تعالى : ﴿قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً (٤) (٥) ولذا أنكر الأئمة ـ عليهم‌السلام ـ من ترك الطاعة مغرورا بمحبّة أهل البيت ، كما نقل جابر عن أبي جعفر ـ عليه‌السلام ـ قال : قال لي : «يا جابر أيكتفي من ينتحل التشيع أن يقول بحبّنا أهل البيت ، فو الله ما شيعتنا إلّا من اتقى الله وأطاعه ، وما كانوا يعرفون يا جابر إلّا بالتواضع والتخشع والأمانة ، وكثرة ذكر الله والصوم والصلاة والبرّ بالوالدين ، والتعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة

__________________

(١) يوسف : ١٠٤.

(٢) الشعراء : ١٤٥.

(٣) سبأ : ٤٧.

(٤) الفرقان : ٥٧.

(٥) الامامة والولاية : ص ١٦٤.

۲۸۱۱