وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ» (١) وقال أيضا : «كلّ من لم يحب على الدين ولم يبغض على الدين فلا دين له» (٢).

نعم ربّما يجتمع في بعض آحاد المسلمين موجبات الحبّ في الله ، مع موجبات البغض في الامور الشخصيّة قصورا وتقصيرا ، فعلى المؤمن الخبير أن لا يبتلي بترك محبّته في الله ؛ لأنّ الإيمان يقوى على الامور الشخصيّة ، والمنافع الدنيويّة ، فمقتضى الإيمان هو كونه محبوبا من حيث إيمانه ، وعروة الإيمان لا تنقض بموجبات البغض ، في الامور الشخصيّة ، ومن المعلوم أن الاجتماع الإسلامي مبنيّ على هذا الأساس القويم.

الثالث : في وجوب المحبّة والوداد لأهل البيت ، وقد عرفت أن المحبّة والوداد بالنسبة إلى أهل الإيمان من مقتضيات الإيمان ، ومن الوظائف الأخلاقية لكل مؤمن ، وبالجملة فضيلة من الفضائل ، ولا وجوب لها ، ولكن محبّة أهل البيت وودادهم من أوجب الواجبات جعلها الله ورسوله أجر الرسالة ﴿قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى (٣) ولذا سأل الأصحاب عن رسول الله عن تعيين القربى بعد الفراغ عن وجوب المودّة فيهم ، كما روي عن ابن عباس أنّه قال : «لمّا نزلت الآية ﴿قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قلت : يا رسول الله من قرابتك الّذين افترض الله علينا مودتهم؟ قال : عليّ وفاطمة وولدهما ثلاث مرات يقولها» (٤)

وأكّد الأئمة ـ عليهم‌السلام ـ على وجوب المحبّة ، وإليك بعض التأكيدات ، قال محمّد بن مسلم : سمعت أبا عبد الله ـ عليه‌السلام ـ يقول : «إنّ الرجل ربّما يحب الرجل ، ويبغض ولده ، فأبى الله عزوجل إلّا أن يجعل حبّنا مفترضا ،

__________________

(١) الاصول من الكافي : ج ٢ ص ١٢٥.

(٢) الاصول من الكافي : ج ٢ ص ١٢٧.

(٣) الشورى : ٢٣.

(٤) بحار الأنوار : ج ٢٣ ص ٢٤١.

۲۸۱۱