وفي كونه جسمانيّا ، بمعنى عودة الأرواح إلى أبدانها ولا في أدلّة المعاد لصراحتها وتواترها.
ولقد أفاد وأجاد العلّامة الحلي ـ قدسسره ـ حيث قال : «المعاد الجسماني معلوم بالضرورة من دين محمّد ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ والقرآن دلّ عليه في آيات كثيرة بالنصّ ، مع أنّه ممكن فيجب المصير إليه ، وإنّما قلنا بأنّه ممكن ؛ لأنّ المراد من الإعادة جمع الأجزاء المتفرقة وذلك جائز بالضرورة» (١) فقول بعض الفلاسفة من أتباع المشّائين باختصاص المعاد بالمعاد الروحاني على المحكي مخالف للضرورة من الدين ، كما أنّ قول جمع من المتكلّمين بعدم بقاء الروح وفنائه بموت الأبدان يخالف الآيات والروايات المتواترة الدالّة على بقاء النفس ، ووجود الحياة البرزخية ، فالحقّ هو بقاء الأرواح وأنّ معادها هو عودتها إلى أبدانها.
الثامن : في الأدلّة العقليّة : ولا يخفى أنّه لا حاجة إلى الاستدلال بالأدلّة العقليّة ، على وقوع المعاد بعد قيام الأدلّة السمعيّة القطعيّة وضرورة الإسلام بل ضرورة الدين ، على إثبات المعاد ، ولكن حيث أشير في الأدلّة السمعيّة إلى الوجوه العقليّة فلا بأس بذكر بعضها :
١ ـ دليل الحكمة :
إنّ الحدّ الوسط في هذا الدليل هو حكمته تعالى ، والشكل القياسي في هذا الدليل ، يكون هكذا : أنّ الله تعالى حكيم ، والحكيم لا يفعل عبثا وسفها ، فهو تعالى لا يفعل عبثا وسفها.
ثم ينضم إليه القياس الاستثنائي ، وهو أنّه لو لم يكن للإنسان معاد لكان
__________________
(١) شرح تجريد الاعتقاد : ص ٤٠٦ ، الطبع الجديد.