تلك الروح في قالب كقالبه في الدنيا فيأكلون ويشربون ، فإذا قدم عليهم القادم عرفوه بتلك الصور التي كانت في الدنيا» (١) فالحياة البرزخية مسلمة لا مجال للتشكيك فيها.
الرابع : أنّ حقيقة الموت ليست هي الانعدام والفناء ، بل هي انقطاع ارتباط الأرواح مع الأبدان ، والانتقال من الحياة الدنيويّة إلى الحياة البرزخية ، وقد عرفت قيام الأخبار المتواترة جدا على بقاء الأرواح بعد الموت ، ووجود الحياة البرزخية ، وإليه يشير ما عن مولانا أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ : «أيّها الناس إنّا خلقنا وإيّاكم للبقاء لا للفناء ، ولكنكم من دار تنقلون ، فتزودوا لما أنتم صائرون إليه وخالدون فيه ، والسلام» (٢).
وما عن الحسن بن علي ـ عليهماالسلام ـ حيث سئل : «ما الموت الذي جهلوه؟ أنّه قال : أعظم سرور يرد على المؤمنين إذا نقلوا عن دار النكد إلى نعيم الأبد ، وأعظم ثبور يرد على الكافرين إذا نقلوا عن جنّتهم إلى نار لا تبيد ولا تنفد» (٣).
وما عن علي بن الحسين ـ عليهماالسلام ـ أنّه قال : «لما أشتد الأمر بالحسين بن علي بن أبي طالب ، نظر إليه من كان معه فإذا هو بخلافهم ، لأنّهم كلّما اشتد الأمر تغيّرت ألوانهم ، وارتعدت فرائصهم ، ووجلت قلوبهم ، وكان الحسين ـ صلوات الله عليه ـ وبعض من معه من خصائصهم تشرق ألوانهم ، وتهدأ جوارحهم ، وتسكن نفوسهم ، فقال بعض لبعض : انظروا لا يبالي بالموت ، فقال لهم الحسين ـ عليهالسلام ـ :
صبرا بني الكرام فما الموت إلّا قنطرة يعبر بكم عن البؤس والضرّاء إلى
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٦ ص ٢٧٠.
(٢) بحار الأنوار : ج ٧٣ ص ٩٦.
(٣) بحار الأنوار : ج ٦ ص ١٥٤.