وحتّى في الخطبة الأخيرة منه : «أيّها الناس ، إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي فتمسكوا بهما لن تضلوا فإنّ اللطيف الخبير أخبرني وعهد إليّ أنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض» (١) فكما أنّ القرآن بنصّ الحديث حجة ، كذلك العترة فآراؤهم وأقوالهم حجة بنفسها ، فعلى إخواننا المسلمين الفحص والنظر عن المرجعيّة العلميّة للأئمة الاثني عشر التي اعتقد بها الشيعة ، ولا يجوز بحكم العقل عدم التوجه إلى هذه المرجعية على الأقل ، إذ مع احتمالها لا يكفي في الامتثال العمل بغير طريقة الأئمة ـ عليهمالسلام ـ كما لا يخفى.
هذا مضافا إلى أنّ أئمتنا ـ عليهمالسلام ـ هم الذين كانوا وارثين لعلم الرسول ومخزن علمه فعلى إخواننا المسلمين أن يأخذوا وظائفهم الشرعية عن طريق ائمتنا ـ عليهمالسلام ـ ولقد أفاد وأجاد السيد المحقق المتتبع المرجع الديني آية الله العظمى البروجردي ـ قدسسره ـ حيث قال في مقدمة جامع أحاديث الشيعة ـ بعد نقل روايات تدل على أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ أملى كل حلال وحرام لعلي ـ عليهالسلام ـ فكتبه بيده وبقي عند الأئمة ـ عليهمالسلام ـ : وقد يظهر من هذه الاحاديث امور :
الأول : أنّ رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ لم يترك الامة بعده سدى مهملة بلا إمام هاد وبيان شاف ، بل عيّن لهم أئمة هداة دعاة سادة قادة حفاظا ، وبيّن لهم المعارف الإلهية والفرائض الدينية ، والسنن والآداب ، والحلال والحرام ، والحكم والآثار ، وجميع ما يحتاج إليه الناس إلى يوم القيامة حتى أرش الخدش ، ولم يأذن ـ صلىاللهعليهوآله ـ لأحد أن يحكم أو يفتي بالرأي والنظر والقياس ، لعدم كون موضوع من الموضوعات أو أمر من الامور خاليا عن الحكم الثابت له
__________________
(١) راجع جامع أحاديث الشيعة : ج ١ ص ٢٩ الطبع الثاني نقلا عن ينابيع المودة ص ١١٤ ط اسلامبول سنة ١٣٠١ وغيره.