ومنها : ما عن أبي عبد الله ـ عليهالسلام ـ أنّه قال : «صاحب هذا الأمر تعمى ولادته على (هذا) الخلق لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج» (١).
قال الشيخ الطوسي ـ قدسسره ـ : «لا علّة تمنع من ظهوره ـ عليهالسلام ـ إلّا خوفه على نفسه من القتل ؛ لأنّه لو كان غير ذلك لما ساغ له الاستتار ، وكان يتحمّل المشاق والأذى ، فإنّ منازل الأئمة وكذلك الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ إنّما تعظم لتحمّلهم المشاقّ العظيمة في ذات الله تعالى.
فإن قيل : هلّا منع الله من قتله بما يحول بينه وبين من يريد قتله؟ قلنا : المنع الذي لا ينافي التكليف هو النهي عن خلافه والأمر بوجوب اتباعه ونصرته ، وإلزام الانقياد له ، وكلّ ذلك فعله تعالى ، وأمّا الحيلولة بينهم وبينه فإنّه ينافي التكليف وينقض الغرض ؛ لأنّ الغرض بالتكليف استحقاق الثواب ، والحيلولة تنافي ذلك ، وربّما كان في الحيلولة والمنع من قتله بالقهر مفسدة للخلق ، فلا يحسن من الله فعلها» (٢).
وأمّا كون الغيبة موجبة لامتحان الخلق وتمحيصهم كما افيد في بعض الأخبار عن موسى بن جعفر ـ عليهماالسلام ـ : «إذا فقد الخامس من ولد السابع من الأئمة فالله في أديانكم ، لا يزيلنكم عنها أحد ، يا بني إنّه لا بدّ لصاحب هذا الأمر من غيبة ، حتّى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به ، إنّما هي محنة من الله امتحن الله بها خلقه» (٣) وغيره فهو بيان فائدة الغيبة لا سببها ، ولذلك قال الشيخ ـ قدسسره ـ : «وأمّا ما روي من الأخبار من امتحان الشيعة في حال الغيبة وصعوبة الأمر عليهم واختبارهم للصبر عليه ، فالوجه فيها الأخبار عما يتفق من ذلك من الصعوبة والمشاق ـ إلى أن قال ـ : بل سبب الغيبة هو الخوف على
__________________
(١) بحار الانوار : ج ٥٢ ص ٩٥.
(٢) بحار الانوار : ج ٥٢ ص ٩٨ ـ ٩٩.
(٣) بحار الانوار : ج ٥٢ ص ١١٣.