البديهيّة التي لا شكّ فيها لمسلم عادة» (١).
ثم مما ذكر يظهر وجه ضعف القول بأنّ فكرة ظهور المهديّ مستحدثة عند الشيعة ، هذا مضافا إلى ما أشار إليه في المتن من أنّه لو لا ثبوت فكرة المهديّ عن النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ على وجه عرفها جميع المسلمين وتشبّعت في نفوسهم واعتقدوها لما كان يتمكن مدّعو المهديّة في القرون الاولى كالكيسانية والعبّاسيين وجملة من العلويين ، وغيرهم من خدعة الناس ، واستغلال هذه العقيدة فيهم طلبا للملك والسلطان ، فجعلوا ادعاءهم المهديّة الكاذبة طريقا للتأثير على العامّة وبسط نفوذهم عليهم.
ثم لا يخفى عليك قصور ما أفاده المصنّف من أنّ طبيعة الوضع الفاسد في البشر البالغة الغاية في الفساد والظلم مع الإيمان بصحّة هذا الدين ، وأنّه الخاتمة للأديان يقتضي انتظار هذا المصلح (المهديّ) لإنقاذ العالم مما هو فيه ، ولأجل ذلك آمنت بهذا الانتظار جميع الفرق المسلمة الخ.
فإنّ مجرد طبيعة الوضع الفاسد يقتضي إظهار مصلح وإخراجه حتّى يتمكّن به إصلاح العالم مما هو فيه ولا يدلّ على وقوع هذا الإصلاح إلّا بضميمة ما بشّر الله به في الكتاب العزيز من غلبة الدين الإسلامي على جميع الأديان كقوله : ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ أو بضميمة بشارة النبيّ والأئمة الماضين ـ عليهمالسلام ـ بوقوع هذا الأمر وحتميته ، وهذا هو السبب في إيمان جميع الفرق المسلمة بذلك الانتظار لا مجرد طبيعة الوضع الفاسد فلا تغفل.
رابعها : أنّ الفرق بين الإمامية وغيرها من الفرق المسلمة ، بل الامم من غير المسلمين ، هو أنّ الامامية تعتقد بوجود هذا المصلح ، وأنّه المهديّ بن الحسن
__________________
(١) بحث حول المهدي : ص ٦٣ ـ ٦٤.