أزيدك على هذا كلّه أنّ معاوية نفسه حدّث بحديث المنزلة ، قال ابن حجر في صواعقه : أخرج أحمد أنّ رجلا سأل معاوية عن مسألة ، فقال : سل عنها عليّا فهو أعلم ، قال : جوابك فيها أحبّ إليّ من جواب عليّ ، قال : بئس ما قلت : لقد كرهت رجلا كان رسول الله يغرّه بالعلم غرا ، ولقد قال له : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي ، وكان عمر إذا أشكل عليه شيء أخذ منه ... إلى آخر كلامه.
وبالجملة فإنّ حديث المنزلة مما لا ريب في ثبوته بإجماع المسلمين على اختلافهم في المذاهب والمشارب ، ثم أشار إلى جمع من كتب السير وجوامع الحديث التي نقل فيها حديث المنزلة كالجمع بين الصحاح الستة ، وصحيح البخاري ، وصحيح مسلم ، وسنن ابن ماجة ، ومسند احمد بن حنبل ، والطبراني ، ثم قال : وكلّ من تعرّض لغزوة تبوك من المحدّثين وأهل السير والأخبار ، نقلوا هذا الحديث ، ونقله كلّ من ترجم عليّا من أهل المعاجم في الرجال من المتقدمين والمتأخرين على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم ، ورواه كلّ من كتب في مناقب أهل البيت ، وفضائل الصحابة من الأئمة ، كأحمد بن حنبل ، وغيره ممن كان قبله أو جاء بعده ، وهو من الأحاديث المسلّمة في كلّ خلف من هذه الامّة (١) وخصّ صاحب عبقات الأنوار جلدا ضخما بحديث المنزلة جزاه الله عن الإسلام خيرا ، وروى في غاية المرام مائة حديث من طريق العامّة ، وسبعين حديثا من طرق الخاصّة حول حديث المنزلة فراجع ، هذا كلّه بالنسبة إلى حديث المنزلة.
وأمّا اعتبار نصّ الدار يوم الإنذار فيكفيك ما في المراجعات حيث قال : وحسبك منها (أي النصوص) ما كان في مبدأ الدعوة الإسلامية قبل ظهور
__________________
(١) المراجعات : ص ١٢٩ ـ ١٣٢