كمال الاهتمام ولم يهمله ، بل من أوّل الأمر وشروعه في دعوة الناس إلى التوحيد توجّه إليه وأحكم أمر الإمامة بعده ، فنسبة الإهمال إليه ـ صلىاللهعليهوآله ـ إفك وافتراء ، وعليه فلا مجال بعد نصب النبيّ عليّا من جانب الله تعالى للخلافة لهذه الأبحاث ، من أنّ نصب الإمام واجب على الناس؟ أم لا يكون واجبا؟ فإذا كان واجبا ، فهل هو واجب على جميع الامّة؟ أو على بعضها؟ وعلى الأخير هل المراد من البعض أصحاب الحلّ والعقد؟ أو المراد غيرهم ، فإنّ تلك الأبحاث من متفرعات الإمارة والخلافة الظاهريّة دون الخلافة الالهيّة المنصوصة ، فإنّ النصب فيه نصب إلهي كنصب النبيّ ، والمفروض هو وقوعه ، فتلك الأبحاث اجتهاد في قبال النصّ ، ثم من المعلوم أنّ النصب الإلهي خال عن الانحراف وأبعد عن الاختلاف فيه ، ولعلّه لذلك قال الشيخ أبو علي سينا : والاستخلاف بالنصّ أصوب ، فإنّ ذلك لا يؤدي إلى التشعب والتشاغب والاختلاف (١).
ثم إنّ المصنّف لم يشر إلى البحث السندي عن هذه الروايات ، لأنّها من المتواترات ، وقد تصدّى لإثباته جمع من أعاظم الأصحاب كالعلّامة مير سيّد حامد حسين موسوي النيشابوريّ الهنديّ ـ قدسسره ـ في عبقات الأنوار ، وكالعلّامة الشيخ عبد الحسين الأميني ـ قدسسره ـ في الغدير ، قال العلّامة الأميني حول حديث الغدير : ولا أحسب أنّ أهل السنّة يتأخرون بكثير من الإمامية في إثبات هذا الحديث ، والبخوع لصحته ، والركون إليه ، والتصحيح له ، والإذعان بتواتره ، اللهم إلّا شذاذ تنكبت عن الطريقة ، وحدت بهم العصبية العمياء إلى رمي القول على عواهنه ، وهؤلاء لا يمثّلون من جامعة العلماء إلّا أنفسهم ، فإنّ المثبتين المحققين للشأن المتولعين في الفن لا تخالجهم أية شبهة
__________________
(١) إلهيات الشفاء : ص ٥٦٤.