وكيف كان : فهذا القول (١) ضعيف ، فإنّ هذه الألفاظ لم توضع لهذه المعاني لغةً ولا اصطلاحاً ، ومناسبتها على الوجه المذكور لا يوجب اشتغال الذمّة بمقتضاها ، مع أصالة البراءة واحتمالها لغيرها على الوجه الذي بُيّن. ولا فرق في ذلك بين كون المقرّ من أهل العربيّة وغيرهم؛ لاستعمالها على الوجه المناسب للعربيّة في غير ما ادّعوه استعمالاً شهيراً. خلافاً للعلّامة حيث فرّق ، فحكم بما ادّعاه الشيخ على المقرّ إذا كان من أهل اللسان (٢) وقد ظهر ضعفه.
﴿ و ﴾ إنّما ﴿ يمكن هذا ﴾ القول ﴿ مع الاطّلاع على القصد ﴾ أي على قصد المقرّ وأنّه أراد ما ادّعاه القائل ، ومع الاّطلاع لا إشكال.
﴿ ولو قال : لي عليك ألف ، فقال : نعم أو أجل أو بلى أو أنا مقرّ به ، لزمه ﴾ الألف.
أمّا جوابه ب «نعم» فظاهر؛ لأنّ قول المجاب إن كان خبراً فهي بعده حرف تصديق ، وإن كان استفهاماً محذوف الهمزة فهي بعده للإثبات والإعلام؛ لأنّ الاستفهام عن الماضي إثباته ب «نعم» ونفيه ب «لا».
و«أجل» مثله.
وأمّا «بلى» فإنّها وإن كانت لإبطال النفي ، إلّاأنّ الاستعمال العرفي جوّز وقوعها في جواب الخبر المثبت كنعم ، والإقرارُ جارٍ عليه لا على دقائق اللغة. ولو قدّر كون القول استفهاماً فقد وقع استعمالها في جوابه لغة وإن قلّ ، ومنه قول النبيّ صلىاللهعليهوآله لأصحابه : «أترضون أن تكونوا من أرفع أهل الجنّة؟ قالوا : بلى» (٣)
__________________
(١) قول الشيخ وجماعة بأنّه يتبع في ذلك موازنه من الأعداد.
(٢) المختلف ٦ : ٤١.
(٣) صحيح البخاري ٨ : ١٦٣ ، وسنن ابن ماجة ٢ : الحديث ٤٢٨٣ ، ولكن فيهما : ربع أهل الجنّة ، ونقله في المسالك ١١ : ٦٣ كما في المصدرين.