استعداده ذاتاً وإمكانه (١).
وإذا انتهى الأمرُ إليه يرتفع الإشكال وينقطع السؤال ب « لِمَ » ؛ فإنّ الذاتيّات ضروريّ الثبوت (٢) للذات.
وبذلك أيضاً ينقطع السؤال عن أنّه لِمَ اختار الكافر والعاصي، الكفرَ والعصيان، والمطيعُ والمؤمن، الإطاعةَ والإيمان ؟ فإنّه يساوق السؤال عن أنّ الحمار لِمَ يكون ناهقاً ؟ والإنسان لِمَ يكون ناطقاً ؟
وبالجملة: تفاوت أفراد الإنسان في القرب منه - جلّ شأنه وعظمت كبرياؤه (٣) - والبعدِ عنه، سببٌ لاختلافها في استحقاق الجنّة ودرجاتها، والنار ودركاتها، وموجبٌ لتفاوتها في نيل الشفاعة وعدمه (٤)(٥)، وتفاوتُها في ذلك بالآخرة يكون ذاتيّاً، والذاتيّ لا يعلَّل.
إن قلت: على هذا فلا فائدة في بَعْثِ الرُسل وإنزال الكتب، والوعظ والإنذار.
قلت: ذلك لينتفع به من حسُنت سريرته وطابت طينته، لتكمل به نفسه، ويخلص مع ربّه انسه، ﴿ما كُنّا لِنَهتَديَ لَولا أنْ هَدانا اللهُ﴾ (٦)، قال الله تبارك
__________________
(١) كذا في الأصل ومصحّح « ن »، وفي « ر »، « ق »، « ش » وبعض الطبعات الأُخرى: إمكاناً.
(٢) الصواب: ضروريّة الثبوت. ( منتهى الدراية ٤: ٥٤ ).
(٣) في الأصل: « منه تعالى »، وفي طبعاته مثل ما أثبتناه.
(٤) في « ش » ومنتهى الدراية: عدمها، وفي « ن »: وعدم نيلها.
(٥) قوله: « وموجب لتفاوتها في نيل الشفاعة وعدمه » غير موجود في الأصل، وأثبتناه من طبعاته.
(٦) الأعراف: ٤٣.