إزاحة الوهم
والتحقيق أن يقال: إنّه لا مجال لتوهّم الاستدلال بالعمومات المتكفّلة لأحكام (١) العناوين الثانويّة في ما شكّ من غير جهة تخصيصها، إذا أُخذ في موضوعاتها أحد الأحكام المتعلّقة بالأفعال بعناوينها الأوّليّة، كما هو الحال في وجوب إطاعة الوالد، والوفاء بالنذر وشبهه في الامور المباحة أو الراجحة ؛ ضرورة أنّه - معه - لا يكاد يتوهّم عاقلٌ أنّه (٢) إذا شَكّ في رجحان شيءٍ أو حلّيّته، جوازَ التمسّك بعموم دليل وجوب الإطاعة أو الوفاء في رجحانه أو حلّيّته.
نعم، لا بأس بالتمسّك به في جوازه - بعد إحراز التمكّن منه والقدرة عليه - في ما لم يؤخذ في موضوعاتها حكم أصلاً، فإذا شكّ (٣) في جوازه صحّ التمسّك بعموم دليلها في الحكم بجوازها (٤). وإذا كانت محكومةً بعناوينها الأوّليّة بغير حكمها بعناوينها الثانويّة، وقع (٥) المزاحمة بين المقتضيين، ويؤثّر الأقوى منهما لو كان في البين، وإلّا لم يؤثّر أحدهما، وإلّا لزم الترجيح بلا مرجّح، فليحكم عليه حينئذٍ بحكم آخر - كالإباحة -، إذا كان أحدُهما مقتضياً للوجوب، والآخر للحرمة مثلاً.
الكلام في صحّة الصوم في السفر والإحرام قبل الميقات بالنذر
وأمّا صحّة الصوم في السفر بنذره فيه - بناءً على عدم صحّته فيه بدونه -
__________________
(١) كذا، والأنسب: بأحكام.
(٢) لا توجد « أنّه » في بعض الطبعات.
(٣) هذا كأنّه تكرار غير مناسب ( حقائق الأُصول ١: ٥٠٩ ).
(٤) الأولى: تذكير ضمير « بجوازها » لرجوعه إلى « شيء ». راجع منتهى الدراية ٣: ٥٥٥.
(٥) في الأصل و « ر »: فتقع. وفي سائر الطبعات مثل ما أثبتناه.