وأمّا لو قيل بعدم التزاحم إلّا في مقام فعليّة الأحكام، لكان ممّا تَسَعه، وامتثالاً لأمرها بلا كلام.
وقد انقدح بذلك: الفرقُ بين ما إذا كان دليلا الحرمة والوجوب متعارضين، وقُدِّم دليلُ الحرمة تخييراً أو ترجيحاً، حيث لا يكون معه مجالٌ للصحّة أصلاً، وبين ما إذا كانا من باب الاجتماع، وقيل بالامتناع، وتقديمِ جانب الحرمة، حيث يقع صحيحاً في غير موردٍ من موارد الجهل والنسيان ؛ لموافقته للغرض بل للأمر.
ومن هنا عُلم: أنّ الثواب عليه من قبيل الثواب على الإطاعة، لا الانقياد ومجرّدِ اعتقاد الموافقة.
وقد ظهر بما ذكرناه: وجهُ حكم الأصحاب بصحّة الصلاة في الدار المغصوبة مع النسيان أو الجهل بالموضوع، بل أو الحكم، إذا كان عن قصور، مع أنّ الجلّ - لولا الكلّ - قائلون بالامتناع وتقديم الحرمة، ويحكمون بالبطلان في غير موارد العذر. فلتكن من ذلك على ذُكر.
الحقّ هو: القول بالامتناع
إذا عرفت هذه الأُمور فالحقّ هو: القول بالامتناع، كما ذهب إليه المشهور. وتحقيقه - على وجهٍ يتّضح به فساد ما قيل أو يمكن أن يقال، من وجوه الاستدلال لسائر الأقوال - يتوقّف على:
مقدّمات الاستدلال:
تمهيد مقدّمات:
١ - تضادّ الأحكام الخمسة
إحداها: أنّه لا ريب في أنّ الأحكام الخمسة متضادّة في مقام فعليّتها، وبلوغِها إلى مرتبة البعث والزجر ؛ ضرورة ثبوت المنافاة والمعاندة التامّة بين البعث نحوَ واحدٍ في زمانٍ، والزجرِ عنه في ذاك الزمان، وإن لم يكن بينها