قال : وتعليقُ الرؤية على استقرار الجبل المتحرك لا يدل على الإمكان.
أقول : هذا جواب عن الوجه الثالث للأشعرية ، وتقرير احتجاجهم : أنّ الله سبحانه وتعالى علق الرؤية في سؤال موسى عليهالسلام على استقرار الجبل ، والاستقرار ممكن ، لأنّ كل جسم فسكونه ممكن والمعلَّق على الممكن ممكن.
والجواب أنّه تعالى علق الرؤية على الاستقرار لا مطلقاً بل على استقرار الجبل حال حركته ، واستقرار الجبل حال الحركة محال ، فلا يدل على إمكان المعلق (١).
قال : واشتراكُ المعلولات لا يدلُّ على اشتراك العلل مع منع التعليل والحصر.
أقول : هذا جواب عن شبهة الأشاعرة من طريق العقل.
استدلوا بها على جواز رؤيته تعالى ، وتقريرها : أن الجسم والعرض قد اشتركا في صحة الرؤية وهذا حكم مشترك يستدعي علة مشتركة ولا مشترك بينهما إلا الحدوث أو الوجود ، والحدوث لا يصلح للعلية لأنّه مركب من قيد
__________________
(١) هذا الجواب غير تام جدّاً ، وحاصله : أنّه سبحانه علّق رؤيته على أمر محال ، وهو استقرار الجبل حال حركته ، أي على اجتماع الضدين (الحركة في نفس السكون) ، وهذا المعنى بعيد عن ظاهر الآية ، بل الجواب المطابق لظاهر الآية أنّه سبحانه علّقه على نفس استقرار الجبل ، ولم يتحقّق المعلّق عليه ، لأنّه سبحانه لما تجلّى عليه جعله دكّاً.