مطلقا (١) ، لا ينبغي الإشكال فيما إذا كان مشروطا معلّقا. فلو شكّ في مورد ـ لأجل طروء بعض الحالات عليه (٢) ـ في بقاء أحكامه ، ففيما صحّ استصحاب أحكامه المطلقة صحّ استصحاب أحكامه المعلّقة ، لعدم الاختلال بذلك فيما اعتبر في قوام الاستصحاب من اليقين ثبوتا والشكّ في بقاء.
وتوهّم «أنّه لا وجود للمعلّق قبل وجود ما علّق عليه ، فاختلّ أحد ركنيه» (٣) ، فاسد جدا ، فإنّ المعلّق قبله إنّما لا يكون موجودا فعلا ، لا أنّه لا يكون موجودا
__________________
ـ جريانه مطلقا. راجع المناهل : ٢٥٢ ، فوائد الاصول ٤ : ٤٦٦ ، مصباح الاصول ٣ : ١٣٧ ـ ١٣٨.
ولا يخفى : أنّ المحقّق النائينيّ ذهب إلى عدم جريانه بعد ما فسّر الاستصحاب التعليقيّ بوجه آخر. وحاصله : أنّ محلّ النزاع في الاستصحاب التعليقيّ ما إذا تعلّق الحكم الكلّيّ بموضوع مركّب من جزءين عند فرض وجود أحد جزئيه ، وشكّ في بقائه من جهة تبدّل بعض حالاته قبل فرض وجود الجزء الآخر.
ثمّ استدلّ على عدم جريان الاستصحاب بأنّ فعليّة الحكم المترتّب على الموضوع المركّب متوقّفة على وجود موضوعه بتمام أجزائه ، لأنّ نسبة الحكم إلى موضوعه نسبة المعلول إلى علّته ، ولا يعقل تحقّق المعلول ـ وهو الحكم ـ إلّا بعد تحقّق علّته بمالها من الأجزاء ، فوجود أحد جزأي الموضوع بمنزلة العدم ، لعدم ترتّب الحكم عليه ، فلم يتحقّق حكم حتّى نشكّ في بقائه ، فلا مجال لجريان الاستصحاب. فوائد الاصول ٤ : ٤٦٣ ـ ٤٦٧.
ولكنّ التحقيق : أنّ مورد النزاع ليس ما إذا كان الحكم متعلّقا بموضوع مركّب ـ كما زعمه وزعم تلميذه المحقّق الخوئيّ في مصباح الاصول ٣ : ١٣٧ ـ ، بل الظاهر من كلماتهم أنّ محلّ النزاع هو الاستصحاب التعليقيّ بالمعنى الّذي ذكرناه. راجع فرائد الاصول ٣ : ٢٢٢ ـ ٢٢٣ ، أوثق الوسائل : ٤٧٢ و ٥٠١ ، بحر الفوائد : ١١٩ ـ ١٢٠ ، درر الفوائد (للمصنّف) : ٣٤٦.
(١) أي : كما لا إشكال في جريان الاستصحاب فيما إذا كان المتيقّن الحدوث والمشكوك البقاء حكما فعليّا غير مشروط بشرط غير حاصل.
(٢) مثل طروء حالة الزبيبيّة على العنب ، وطروء حالة رؤية الدم على المرأة.
(٣) هذا ما توهّمه صاحب الرياض على ما نسبه إليه ولده العلّامة في المناهل. قال في المناهل : «إنّه يشترط في حجّيّته ثبوت أمر أو حكم وضعيّ أو تكليفيّ في زمان من الأزمنة قطعا ، ثمّ يحصل الشكّ في ارتفاعه بسبب من الأسباب ، ولا يكفي مجرّد قابليّة الثبوت باعتبار من الاعتبارات ، فالاستصحاب التقديريّ باطل. وقد صرّح بذلك الوالد العلّامة في أثناء الدرس.
فلا وجه للتمسّك باستصحاب التحريم في المسألة». المناهل : ٦٥٢.