قلت (١) : لا يكاد يضرّ استصحابه (٢) على نحو كان قبل عروض الحالة الّتي شكّ في بقاء الحكم المعلّق (٣) بعده ، ضرورة أنّه (٤) كان مغيّا بعدم ما علّق عليه المعلّق ، وما كان كذلك لا يكاد يضرّ ثبوته بعده بالقطع فضلا عن الاستصحاب ، لعدم المضادّة بينهما ، فيكونان بعد عروضها بالاستصحاب كما كانا معا بالقطع قبل بلا منافاة أصلا (٥) ، وقضيّة ذلك (٦) انتفاء الحكم المطلق (٧) بمجرّد ثبوت ما علّق عليه المعلّق (٨) ؛ فالغليان في المثال كما كان شرطا للحرمة كان غاية للحلّيّة ، فإذا شكّ في حرمته المعلّقة بعد عروض حالة عليه شكّ في حلّيّته المغيّاة لا محالة أيضا ، فيكون الشكّ في حلّيّته أو حرمته فعلا بعد عروضها متّحدا خارجا مع الشكّ في بقائه على ما كان عليه من الحلّيّة والحرمة بنحو كانتا عليه ، فقضيّة استصحاب حرمته المعلّقة ـ بعد عروضها (٩) الملازم لاستصحاب حلّيّته المغيّاة ـ حرمته
__________________
(١) وحاصل الجواب : أنّ الحلّيّة الثابتة لماء العنب ليست حلّيّة مطلقة ، بل تكون مغيّاة بالغليان ، فإنّ الغليان ذو جهتين : (إحداهما) كونه شرطا لحرمة ماء العنب. و (ثانيتهما) كونه غاية للحلّيّة الثابتة له. فإذا تبدّلت حالة العنب وطرأت عليه حالة الزبيبيّة يستصحب الحلّيّة المغيّاة به ، كما يستصحب الحرمة المعلّقة عليه ، ولا تعارض بين الاستصحابين ، لعدم التنافي بين الحكمين ، فإنّ مقتضى استصحاب الحلّيّة المغيّاة بالغليان هو انتفاء الحلّيّة بعد حصول الغليان ، كما أنّ مقتضى استصحاب الحرمة المعلّقة عليه هو ثبوت الحرمة بعد حصوله.
(٢) أي : استصحاب ضدّه المطلق ، وهو الحلّيّة في مثال العنب.
(٣) وفي بعض النسخ : «حكم المعلّق». والصحيح ما أثبتناه. والمراد من الحكم المعلّق هو الحرمة في مثال العنب.
(٤) أي : ضدّه المطلق ، وهو الحلّيّة في المثال المذكور.
(٥) أي : فتكون الحلّيّة المغيّاة بالغليان والحرمة المشروطة به ـ بعد طروء حالة الزبيبيّة ـ مجتمعين بالاستصحاب ، كما كانا مجتمعين بالقطع للعنب قبل طروء حالة الزبيبيّة.
(٦) أي : قضيّة كون الحلّيّة مغيّاة بالغليان وكون الحرمة مشروطة به.
(٧) وهو الحلّيّة.
(٨) أي : بمجرّد ثبوت الغليان.
(٩) الضمير في «عروضها» يرجع إلى الحالة. وقد مرّ أنّ كلمة «عروض» من الأغلاط المشهورة ويكون الصحيح : «عرض».