إلّا أنّه ربما يشكل بمنع ظهوره في وضع ما لا يعلم من التكليف ، بدعوى ظهوره في خصوص ما تعلّقت عنايته تعالى بمنع اطّلاع العباد عليه لعدم أمر رسله بتبليغه ، حيث إنّه بدونه لما صحّ إسناد الحجب إليه تعالى (١).
ومنها : [حديث الحلّ]
قوله عليهالسلام : «كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف أنّه حرام بعينه ...» الحديث (٢). حيث دلّ على حلّيّة ما لم تعلم (٣) حرمته مطلقا (٤) ، ولو كان من جهة عدم الدليل على حرمته.
__________________
ـ الثاني : أنّه يدلّ على أنّ كلّ حكم يكون المكلّف محجوبا عنه لا بتقصير منه ـ بل بالأسباب الخارجة عن قدرته ـ فهو مرفوع عنه.
(١) هذا الإشكال من الشيخ الأعظم الانصاريّ في فرائد الاصول ٢ : ٤١. وتبعه على ذلك المحقّق النائينيّ في أجود التقريرات ٢ : ١٨١. وأوضحه المحقّق الاصفهانيّ ببيان آخر في نهاية الدراية ٢ : ٤٤٥ ـ ٤٤٦.
(٢) لا يخفى : أنّ الحديث لم يوجد بهذا النص في جوامع الأخبار ، بل هو مضمون روايات الحلّ ، وهي كثيرة :
منها : رواية عبد الله بن سنان ، عن الصادق عليهالسلام : «كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال أبدا حتّى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه». وسائل الشيعة ١٢ : ٥٩ ، الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث١.
ومنها : رواية عبد الله بن سليمان ، قال سألت أبا جعفر عليهالسلام عن الجبن ... قال : «سأخبرك عن الجبن وغيره ، كلّ ما كان فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتّى تعرف بعينه فتدعه». وسائل الشيعة ١٧ : ٩١ ، الباب ٦١ من أبواب الأطعمة المباحة ، الحديث ١.
ومنها : موثّقة مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سمعته يقول : «كلّ شيء هو لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك ، وذلك مثل الثوب يكون عليك قد اشتريته وهو سرقة ...». وسائل الشيعة ١٢ : ٦٠ ، الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٤.
(٣) وفي بعض النسخ : «ما لم يعلم». والأولى ما أثبتناه.
(٤) سواء كان منشأ الجهل فقدان النص ـ كما في الشبهات الحكميّة ـ أو كان منشؤه الاشتباه في الامور الخارجيّة ـ كما في الشبهات الموضوعيّة ـ ، وسواء كانت الشبهة تحريميّة أم وجوبيّة. ـ