الحرمة الّتي هي
مفاده فيها (١). ولا ينافي ذلك أنّ الملازمة على تقدير ثبوتها في العبادة
إنّما تكون بينه وبين الحرمة ولو لم تكن مدلولة بالصيغة ، وعلى تقدير عدمها تكون
منتفية بينهما ، لإمكان (٢) أن يكون البحث معه في دلالة الصيغة بما تعمّ دلالتها
بالالتزام ، فلا تقاس بتلك المسألة الّتي لا يكاد يكون لدلالة اللفظ بها مساس ،
فتأمّل جيّدا (٣).
الثالث : [دخول
النهي التنزيهيّ والغيريّ في محلّ البحث]
ظاهر لفظ النهي
وإن كان هو النهي التحريميّ ، إلّا أنّ ملاك البحث (٤) يعمّ التنزيهيّ(٥).
__________________
(١) والحاصل
: أنّ الوجه في عدّ هذه المسألة من
المسائل اللفظيّة هو وجود القول بدلالة النهي على الفساد في المعاملات مع إنكار
الملازمة العقليّة بين الفساد والحرمة الّتي هي مفاد النهي في المعاملات. فلو جعل
البحث عقليّا لا تشمل هذا القول. بخلاف ما إذا جعل البحث لفظيّا فتشمله.
(٢) تعليل لعدم
المنافاة. وحاصله : أنّه يمكن جعل البحث في دلالة الصيغة على الفساد بما يعمّ
الدلالة الالتزاميّة الّتي ترجع في الحقيقة إلى البحث عن ثبوت الملازمة البيّنة
الموجبة لدلالة اللفظ.
(٣) اعلم أنّهم
اختلفوا في أنّ هذه المسألة هل تكون لفظيّة ، أو تكون عقليّة أو تكون لفظيّة
عقليّة؟ ذهب المصنّف رحمهالله
إلى الأوّل ، لأجل ما ذكر ، وتبعه المحقّق العراقيّ مستدلّا بأنّ المراد من «الاقتضاء»
في عنوان البحث هو الاقتضاء بحسب مقام الإثبات باعتبار كشف النهي عن عدم ملاك
الأمر في متعلّقه ، لا الاقتضاء بحسب مقام الثبوت ، ضرورة أنّه لا ملازمة عقلا بين
حرمة الشيء وانتفاء ملاك الأمر في متعلّقه. نهاية الأفكار ٢ : ٤٥٢.
وذهب المحقّق النائينيّ إلى الثاني.
وتبعه تلميذه المحقّق الخوئيّ. فراجع فوائد الاصول ٢ : ٤٥٥ ، والمحاضرات ٥ : ٣ ـ ٤.
وذهب السيّد الإمام الخمينيّ إلى
الثالث. ولذا غيّر عنوان البحث من الدلالة والاقتضاء إلى الكشف ، فقال : «إنّ
النهي عن الشيء هل يكشف عن فساده؟» كي يعمّ الدلالات اللفظيّة واللوازم العقليّة.
مناهج الوصول ٢ : ١٥٠.
(٤) وهو التنافي بين
ما يقتضيه النهي ـ من المرجوحيّة ـ وبين الصحّة.
(٥) أي : الكراهة.
ووافقه السيّد الإمام الخمينيّ في مناهج الوصول ٢ : ١٥١.