ويمكن الاستدلال على الحكم في المسألة بمرسلة جميل المتقدّمة؛ فإنّ «قيام العين» وإن لم ينافِ بظاهره مجرّد نقص الأوصاف، كما اعترف به بعضهم في مسألة تقديم قول البائع في قدر الثمن مع قيام العين، إلاّ أنّ الظاهر منه (مرسله) بقرينة التمثيل لمقابله بمثل قطع الثوب وخياطته (ثوب) وصبغه (ثوب) ما يقابل تغيّر الأوصاف والنقص الحاصل ولو لم يوجب أرشاً، كصبغ الثوب وخياطته.
نعم، قد يتوهّم شموله (مرسله) لما يقابل الزيادة، كالسِّمَن (چاقی) وتعلُّم الصنعة. لكنّه يندفع: بأنّ الظاهر من قيام العين بقاؤه بمعنى أن لا ينقص ماليّته، لا بمعنى أن لا يزيد ولا ينقص، كما لا يخفى على المتأمّل.
واستدلّ العلاّمة في التذكرة على أصل الحكم قبل المرسلة: بأنّ العيب الحادث يقتضي إتلاف جزءٍ من المبيع، فيكون مضموناً على المشتري، فيسقط ردّه (مشتری)؛ للنقص الحاصل في يده (مشتری)؛ فإنّه ليس تحمّل البائع له بالعيب السابق أولى من تحمّل المشتري به للعيب الحادث.
والمرسلة لا تشمل جميع أفراد النقص، مثل نسيان الدابّة للطحن وشبهه.
والوجه المذكور بعدها قاصرٌ عن إفادة المدّعى (سقوط الرد)؛ لأنّ المرجع بعد عدم الأولويّة من أحد الطرفين إلى أصالة ثبوت الخيار وعدم ما يدلّ على سقوطه (رد)، غاية الأمر أنّه لو كان الحادث عيباً كان عليه الأرش للبائع إذا ردّه، كما لو تقايلا أو فسخ أحدهما بخياره بعد تعيّب العين. أمّا مثل نسيان الصنعة وشبهه فلا يوجب أرشاً بل يردّه؛ لأنّ النقص حدث في ملكه وإنّما يضمن وصف الصحّة لكونه كالجزء التالف، فيرجع بعد الفسخ ببدله.
(دلیل چهارم:) نعم، لو عُلّل الردّ بالعيب القديم بكون الصبر على المعيب ضرراً، أمكن أن يقال: إنّ تدارك ضرر المشتري بجواز الردّ مع تضرّر البائع بالصبر على العيب الحادث ممّا لا يقتضيه قاعدة نفي الضرر. لكنّ العمدة في دليل الردّ هو النصّ والإجماع، فاستصحاب الخيار عند الشكّ في المسقط لا بأس به.
إلاّ أنّ الإنصاف أنّ المستفاد من التمثيل في الرواية بالصبغ والخياطة هو إناطة الحكم بمطلق النقص.
توضيح ذلك: أنّ المراد ب «قيام العين» هو ما يقابل الأعمّ من تلفها (عین) وتغيّرها، على ما عرفت من دلالة ذكر الأمثلة على ذلك. لكنّ المراد من التغيّر هو الموجب للنقص لا الزيادة، لأنّ مثل السِّمَن لا يمنع الردّ قطعاً، والمراد بالنقص هو الأعمّ من العيب الموجب للأرش، فإنّ النقص الحاصل بالصبغ والخياطة إنّما هو لتعلّق حقّ المشتري بالثوب من جهة الصبغ والخياطة، وهذا ليس عيباً اصطلاحيّاً.
ودعوى: اختصاصه بالتغيّر الخارجي الذي هو مورد الأمثلة فلا يعمّ مثل نسيان الدابّة للطحن.
يدفعه: أنّ المقصود مجرّد النقص، مع أنّه إذا ثبت الحكم في النقص الحادث وإن لم يكن عيباً اصطلاحيّاً، ثبت في المغيّر وغيره؛ للقطع بعدم الفرق، فإنّ المحتمل هو ثبوت الفرق في النقص الحادث بين كونه عيباً اصطلاحيّاً لا يجوز ردّ العين إلاّ مع أرشه، وكونه مجرّد نقصٍ لا يوجب أرشاً كنسيان الكتابة والطحن. أمّا الفرق في أفراد النقص الغير الموجب للأرش بين مغيّر العين حسّا وغيره فلا مجال لاحتماله.
ثمّ إنّ ظاهر المفيد في المقنعة المخالفة في أصل المسألة، وأنّ حدوث العيب لا يمنع عن الردّ. لكنّه شاذٌّ على الظاهر.
ثمّ مقتضى الأصل عدم الفرق في سقوط الخيار بين بقاء العيب الحادث وزواله (عیب حادث)، فلا يثبت بعد زواله؛ لعدم الدليل على الثبوت بعد السقوط.
قال في التذكرة: عندنا أنّ العيب المتجدّد مانعٌ عن الردّ بالعيب السابق، سواءً زال أم لا.
لكن في التحرير: لو زال العيب الحادث عند المشتري ولم يكن بسببه كان له (مشتری) الردّ ولا أرش عليه، انتهى.
ولعلّ وجهه: أنّ الممنوع هو ردّه معيوباً لأجل تضرّر البائع وضمان المشتري لما يحدث، وقد انتفى الأمران.
ولو رضي البائع بردّه مجبوراً بالأرش أو غير مجبورٍ جاز الردّ، كما في الدروس وغيره؛ لأنّ عدم الجواز لحقّ البائع، وإلاّ فمقتضى قاعدة خيار الفسخ عدم سقوطه بحدوث العيب، غاية الأمر ثبوت قيمة العيب، وإنّما منع من الردّ هنا للنصّ والإجماع، أو للضرر.
وممّا ذكرنا يعلم: أنّ المراد بالأرش الذي يغرمه المشتري عند الردّ قيمة العيب، لا الأرش الذي يغرمه البائع للمشتري عند عدم الردّ؛ لأنّ العيب القديم مضمونٌ بضمان المعاوضة والحادث مضمونٌ بضمان اليد.