مقدّمة الواجب (١) مع بيان السرّ في الذهاب إلى إمكانه ووقوعه ، وسنبيّن أنّ الواجب فعلا في مثال الحجّ هو السير والتهيئة للمقدّمات ، وأمّا نفس أعمال الحجّ : فوجوبها مشروط بحضور الموسم والقدرة عليها في زمانه.
والثاني : في أنّ ظاهر الجملة الشرطيّة في مثل قولهم : «إذا دخل الوقت فصلّ» هل إنّ الشرط شرط للوجوب فلا تجب الصلاة في المثال إلاّ بعد دخول الوقت أو أنّه شرط للواجب فيكون الواجب نفسه معلّقا على دخول الوقت في المثال ، وأمّا الوجوب فهو فعليّ مطلق؟
وبعبارة أخرى هل إنّ القيد شرط لمدلول هيئة الأمر في الجزاء أو أنّه شرط لمدلول مادّة الأمر في الجزاء (٢)؟
وهذا البحث يجري حتّى لو كان الشرط غير الزمان ، كما إذا قال المولى : «إذا تطهّرت فصلّ».
فعلى القول بظهور الجملة في رجوع القيد إلى الهيئة ـ أي إنّه شرط للوجوب ـ يكون الواجب واجبا مشروطا ، فلا يجب تحصيل شيء من المقدّمات قبل حصول الشرط. وعلى القول بظهورها في رجوع القيد إلى المادّة ـ أي إنّه شرط للواجب ـ يكون الواجب واجبا مطلقا ، فيكون الوجوب فعليّا قبل حصول الشرط ، فيجب عليه تحصيل مقدّمات المأمور به إذا علم بحصول الشرط فيما بعد.
وهذا النزاع هو النزاع المعروف بين المتأخّرين في رجوع القيد في الجملة الشرطيّة إلى الهيئة أو المادّة. وسيجيء تحقيق الحال في موضعه إن شاء الله تعالى (٣).
٣. الأصليّ والتبعيّ (٤)
الواجب الأصليّ «ما قصدت إفادة وجوبه مستقلاّ بالكلام» ، كوجوبي الصلاة والوضوء
__________________
(١) تعرّض له في المقدّمات المفوّتة : ٢٨٤ ـ ٢٩٠.
(٢) ذهب إلى الثاني المحقّق الأنصاريّ ، راجع مطارح الأنظار : ٤٧ ـ ٤٩. وإلى الأوّل صاحب الكفاية كما نسب إلى المشهور في نهاية الأصول ، راجع الكفاية : ١٢١ ، ونهاية الأصول : ١٥٥.
(٣) يجيء في المقدّمات المفوّتة : ٢٨٤ ـ ٢٩٠.
(٤) اعلم أنّهم اختلفوا في أنّ هذا التقسيم هل يكون بلحاظ مقام الإثبات والدلالة أو بلحاظ مقام الثبوت ـ