مباحث الحجّة وغيرها إن شاء الله (تعالى) (١). وليس هذا موضعه.
٢. المعلّق والمنجّز (٢)
لا شكّ أنّ الواجب المشروط بعد حصول شرطه يكون وجوبه فعليّا شأن الواجب المطلق ، فيتوجّه التكليف فعلا إلى المكلّف. ولكن فعليّة التكليف تتصوّر على وجهين :
١. أن تكون فعليّة الوجوب مقارنة زمانا لفعليّة الواجب ، بمعنى أن يكون زمان الواجب نفس زمان الوجوب. ويسمّى هذا القسم : «الواجب المنجّز» ، كالصلاة بعد دخول وقتها ؛ فإنّ وجوبها فعليّ ، والواجب ـ وهو الصلاة ـ فعليّ أيضا.
٢. أن تكون فعليّة الوجوب سابقة زمانا على فعليّة الواجب ، فيتأخّر زمان الواجب عن زمان الوجوب. ويسمّى هذا القسم : «الواجب المعلّق» ؛ لتعليق الفعل ـ لا وجوبه ـ على زمان حاصل بعد ، كالحجّ ـ مثلا ـ ، فإنّه عند حصول الاستطاعة يكون وجوبه فعليّا ـ كما قيل (٣) ـ ولكن الواجب معلّق على حصول الموسم ، فإنّه عند حصول الاستطاعة وجب الحجّ ، ولذا يجب عليه أن يهيّئ المقدّمات والزاد والراحلة حتّى يحصل وقته وموسمه ليفعله في وقته المحدّد له.
وقد وقع البحث والكلام هنا في مقامين :
الأوّل : في إمكان الواجب المعلّق ، والمعروف عن صاحب الفصول قدسسره القول بإمكانه ووقوعه (٤). والأكثر على استحالته (٥) ، وهو المختار ، وسنتعرّض له ـ إن شاء الله (تعالى) ـ في
__________________
(١) يأتى في المبحث الحادي عشر من المباحث المذكورة في المقدّمة من المقصد الثالث.
(٢) هذا التقسيم هو الذى ابتكره صاحب الفصول. وقد أنكره الشيخ الأعظم الأنصاريّ. والمحقّق الخراسانيّ تعرّض لإنكاره عليه وقال : «فلا يكون مجال لإنكاره عليه» ، ثمّ أورد على التقسيم المذكور بوجه آخر. راجع الفصول الغرويّة : ٧٩ ؛ مطارح ٦ الأنظار : ٥١ ؛ كفاية الأصول : ١٢٧.
(٣) والقائل صاحب الفصول ومن تابعة.
(٤) الفصول الغرويّة : ٧٩. واختاره المحقّق العراقيّ في نهاية الأفكار ١ : ٣٠٣ ـ ٣١٦ ، والسيّد الإمام الخمينيّ في تهذيب الأصول ١ : ١٨١.
(٥) ومنهم الشيخ في مطارح الأنظار : ٥١ ، والمحقّق النائينيّ في فوائد الأصول ١ : ١٨٦ ـ ١٨٩.