درس مکاسب - خیارات

جلسه ۷: خیار غبن ۷

 

ما يؤيّد كونه شرطاً شرعيّاً

وممّا يؤيّد الأوّل : أنّهم اختلفوا (١) في صحّة التصرّفات الناقلة في زمان الخيار ولم يحكموا ببطلان التصرّفات الواقعة من الغابن حين جهل المغبون ، بل صرّح بعضهم (٢) بنفوذها وانتقال المغبون بعد ظهور غبنه إلى البدل.

ويؤيّده أيضاً : الاستدلال في التذكرة (٣) والغنية (٤) على هذا الخيار بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حديث تلقّي الركبان : «إنّهم بالخيار إذا دخلوا السوق» (٥) فإنّ ظاهره حدوث الخيار بعد الدخول الموجب لظهور الغبن.

إمكان إرجاع الكلمات إلى أحد الوجهين

هذا ، ولكن لا يخفى إمكان إرجاع الكلمات إلى أحد الوجهين بتوجيه ما كان منها ظاهراً في المعنى الآخر.

وتوضيح ذلك (٦) : أنّه إن أُريد بالخيار السلطنة الفعليّة التي يقتدر بها على الفسخ والإمضاء قولاً أو فعلاً ، فلا يحدث إلاّ بعد ظهور الغبن.

وإن أُريد به ثبوت حقٍّ للمغبون لو علم به لقام بمقتضاه ، فهو ثابتٌ قبل العلم ، وإنّما يتوقّف على العلم إعمال هذا الحقّ ، فيكون حال‌

__________________

(١) راجع تفصيل الأقوال في جامع المقاصد ٤ : ٢٩٥ ، والروضة ٣ : ٤٦٦ ، والرياض ١ : ٥٢٥ ، ومفتاح الكرامة ٤ : ٥٧٢.

(٢) لم نعثر على من صرّح بذلك ، نعم صرّح في المسالك ٣ : ٢٠٦ و ٢٠٧ ، والجواهر ٢٣ : ٥٠ ، وغيرهما : بعدم سقوط خيار المغبون بتصرف الغابن ، بل يفسخ ويرجع إلى المثل أو القيمة.

(٣) التذكرة ١ : ٥٢٢ ، ولكن لم يذكر فيه لفظ الحديث.

(٤) الغنية : ٢٢٤.

(٥) راجع السنن الكبرى للبيهقي ٥ : ٣٤٨ ، باب النهي عن تلقّي السلع.

(٦) شُطب في «ف» على هذه العبارة ، وكتب بدلها في الهامش : «فالأولى أن يقال».

الجاهل بموضوع الغبن كالجاهل بحكمه أو بحكم خياري المجلس أو الحيوان أو غيرهما (١).

ثمرة الوجهين

ثمّ إنّ الآثار المجعولة للخيار :

بين ما يترتّب على (٢) السلطنة الفعليّة ، كالسقوط بالتصرّف ، فإنّه لا يكون إلاّ بعد ظهور الغبن ، فلا يسقط قبله كما سيجي‌ء ، ومنه التلف ؛ فإنّ الظاهر أنّه قبل ظهور الغبن من المغبون اتّفاقاً ولو قلنا بعموم قاعدة «كون التلف في زمان الخيار ممّن لا خيار له» لمثل خيار الغبن ، كما جزم به بعضٌ (٣) وتردّد فيه آخر (٤).

وبين ما يترتّب على المعنى الثاني كإسقاطه بعد العقد قبل ظهوره.

وبين ما يتردّد بين الأمرين كالتصرّفات الناقلة ، فإنّ تعليلهم المنع عنها بكونها مفوِّتةً لحقّ ذي الخيار من الغبن ظاهرٌ في ترتّب المنع على وجود نفس الحقّ وإن لم يعلم به.

وحُكمُ بعضِ (٥) من منع من التصرّف في زمان الخيار بمضيّ التصرّفات الواقعة من الغابن قبل علم المغبون ، يظهر منه أنّ المنع لأجل التسلّط الفعلي.

والمتّبع دليل كلِّ واحدٍ من تلك الآثار ، فقد يظهر منه ترتّب الأثر‌

__________________

(١) كذا في «ش» ، وفي «ق» : «غيرها».

(٢) في «ش» زيادة : «تلك».

(٣) لم نعثر عليه.

(٤) تردّد فيه المحقّق الثاني في جامع المقاصد ٤ : ٢٩٧ و ٣١٨.

(٥) لم نقف عليه.