فهما متناقضان لا واسطة بينهما ، وهذه كلها أوهام يكفي في بطلانها قضاء الفطرة ، بأن العدم بطلان لا شيئية له.
الفصل العاشر
في أنه لا تمايز ولا علية في العدم
أما عدم التمايز فلأنه فرع الثبوت والشيئية ، ولا ثبوت ولا شيئية في العدم ، نعم ربما يتميز عدم من عدم ، بإضافة الوهم إياه إلى الملكات وأقسام الوجود ، فيتميز بذلك عدم من عدم ، كعدم البصر وعدم السمع وعدم زيد وعدم عمرو ، وأما العدم المطلق فلا تميز فيه.
وأما عدم العلية في العدم ، فلبطلانه وانتفاء شيئيته ، وقولهم عدم العلة علة لعدم المعلول ، قول على سبيل التقريب والمجاز (١) ، فقولهم مثلا لم يكن غيم فلم يكن مطر معناه بالحقيقة ، أنه لم يتحقق العلية التي بين وجود الغيم ووجود المطر ، وهذا كما قيل ، نظير إجراء أحكام القضايا الموجبة في السالبة ، فيقال سالبة حملية وسالبة شرطية ونحو ذلك ، وإنما فيها سلب الحمل وسلب الشرط.
__________________
(١) فإن قلت : فعلى هذا ، ما ذكرتم مثالا للقضية التي موضوعها المفهوم الاعتباري العقلي أيضا يكون على سبيل التقريب والمجاز.
قلت : إنما مثلنا بها للقضية النفس الأمرية ، وكون الحمل في القضية على التقريب والمجاز لا يخرجها عن الصدق ولا يلحقها بالكواذب ، وحقيقتها التي هي قولنا : " لم تتحقق العلية التي بينهما " قضية نفس الأمرية أيضا. – منه دام ظله ـ